كتاب موسوعة الإجماع في الفقه الإسلامي (اسم الجزء: 5)
يخالف في شيء من هذا أحد، ولم يدَّعِ علي ولا العباس ولا أبو بكر وصية في وقت من الأوقات، وقد اتفق علي والعباس على جميع هذا من غير ضرورة مانعة من ذكر وصية لو كانت، فمن زعم أنه كان لأحد منهم وصية فقد نسب الأمة إلى اجتماعها على الخطأ واستمرارها عليه، وكيف يحل لأحد من أهل القبلة أن ينسب الصحابة إلى المواطأة على الباطل في كل هذه الأحوال، ولو كان شيء لنُقِل، فإنه من الأمور المهمة (¬1).
قال النووي: "أما ما تدعيه الشيعة من النص على علي والوصية إليه فباطل لا أصل له باتفاق المسلمين، والاتفاق على بطلان دعواهم من زمن علي، وأول من كذبهم علي -رضي اللَّه عنه- بقوله: "ما عندنا إلا ما في هذه الصحيفة. . . " (¬2) الحديث، ولو كان عنده نص لذكره، ولم يُنقل أنه ذكره في يوم من الأيام، ولا أن أحدًا ذكره له، واللَّه أعلم" (¬3).Rعدم صحة الإجماع؛ لوجود الخلاف.
[23/ 23] تعيين الإمام يكون بالبيعة
• المراد بالمسألة: البيعة لغة: من البيع، وهي: الصفقة من صفقات البيع، يُقال: بايعه مبايعة وبياعًا: عارضه بالبيع، فهي: معاهدة ومعاقدة، كل من طرفيها باع ما عنده لصاحبه، وأعطاه خالصة نفسه وطاعته ودخيلة أمره (¬4).
البيعة اصطلاحًا: هي العهد على الطاعة، كأن المبايع يعاهد أميره على أن يسلم له النظر في أمر نفسه وأمور المسلمين، لا ينازعه في شيء من ذلك، ويطيعه فيما يكلفه به من الأمر على المنشط والمكره، وكانوا إذا بايعوا الأمير وعقدوا عهده جعلوا أيديهم في يده تأكيدا للعهد، فأشبه ذلك فعل البائع والمشتري، وصارت البيعة تقترن بالمصافحة بالأيدي، هذا مدلولها حيثما ورد
¬__________
(¬1) المنهاج شرح صحيح مسلم بن الحجاج (12/ 206).
(¬2) أخرجه البخاري، كتاب الجهاد والسير، باب: ذمة المسلمين وجوارهم واحدة (4/ 100) رقم (3172).
(¬3) المنهاج شرح صحيح مسلم بن الحجاج (15/ 154).
(¬4) يُنظر: لسان العرب (8/ 25) (بيع)، والمصباح المنير (1/ 69) (بيع).