كتاب موسوعة الإجماع في الفقه الإسلامي (اسم الجزء: 5)
النَّبِيُّ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "إِنَّ أَبَا بَكْرٍ صَاحِبُ رَسُولِ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- ثَانِيَ اثْنَيْنِ، فَإِنَّهُ أَوْلَى المُسْلِمِينَ بِأُمُورِكُمْ، فَقُومُوا فَبَايِعُوهُ"، قال أنس بن مالك -رضي اللَّه عنه-: "وَكَانَتْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ قَدْ بَايَعُوهُ قَبْلَ ذَلِكَ فِي سَقِيفَةِ بَنِي سَاعِدَةَ، وَكَانَتْ بَيْعَةُ الْعَامَّةِ عَلَى الْمِنْبَرِ" (¬1).
• وجه الدلالة: أن بيعة أبي بكر -رضي اللَّه عنه- انعقدت بخمسة اجتمعوا عليها، ثم تابعهم الناس فيها، وهم: عمر بن الخطاب، وأبو عبيدة بن الجراح، وأسيد بن حضير، وبشر بن سعد، وسالم مولى أبي حذيفة، رضي اللَّه عنهم (¬2).
3 - جعل عمر -رضي اللَّه عنه- الخلافة بين ستة من العشرة المبشرين بالجنة، فقال لهم عبد الرحمن بن عوف -رضي اللَّه عنه-: "لَسْتُ بِالَّذِي أُنَافِسُكُمْ على هذا الْأَمْرِ، وَلَكِنَّكُمْ إن شِئْتُمْ اخْتَرْتُ لَكُمْ مِنْكُمْ". فَجَعَلُوا ذلك إلى عبد الرحمن. . . فَأَرْسَلَ إلى من كان حَاضِرًا من المُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ، وَأَرْسَلَ إلى أُمَرَاءِ الْأَجْنَادِ، وَكَانُوا وَافَوْا تِلْكَ الْحَجَّةَ مع عُمَرَ، فلما اجْتَمَعُوا تَشَهَّدَ عبد الرحمن، ثُمَّ قال: "أَمَّا بَعْدُ يا عَلِيُّ، إني قد نَظَرْتُ في أَمْرِ الناس، فلم أَرَهُمْ يَعْدِلُونَ بِعُثْمَانَ، فلا تَجْعَلَنَّ على نَفْسِكَ سَبِيلًا"، فقال -لعثمان رضى اللَّه عنه-: "أُبَايِعُكَ على سُنَّةِ اللَّه وَرَسُولِهِ وَالْخَلِيفَتَيْنِ من بَعْدِهِ"، فَبَايَعَهُ عبد الرحمن، وَبَايَعَهُ الناس المُهَاجِرُونَ وَالْأَنْصَارُ وَأُمَرَاءُ الْأَجْنَادِ وَالمُسْلِمُونَ (¬3).
• وجه الدلالة: أن أولئك الخمسة -رضي اللَّه عنهم- قد تبرؤوا من الاختيار، وجعلوه إلى واحد منهم يختار لهم وللمسلمين من رآه أهلًا للإمامة، وهو عبد الرحمن بن عوف -رضي اللَّه عنه-، وما أنكر ذلك أحد من الصحابة الحاضرين، ولا الغائبين إذ بلغهم ذلك (¬4).Rصحة الإجماع على أنه لا يُشترط مبايعة كل الناس للإمام.
¬__________
(¬1) تقدم تخريجه.
(¬2) الأحكام السلطانية للماوردي (ص 7).
(¬3) أخرجه البخاري، كتاب الأحكام، باب: كيف يبايع الإمام الناس (9/ 78) رقم (7207) عن المسور بن مخرمة -رضي اللَّه عنه-.
(¬4) الفصل في الملل والأهواء والنحل (4/ 130).