كتاب موسوعة الإجماع في الفقه الإسلامي (اسم الجزء: 5)
• مستند الإجماع: يستدل على ذلك بما ثبت من آثار عن الصحابة رضي اللَّه عنهم:
1 - قال عمر بن الخطاب -رضي اللَّه عنه- في وصف مبايعة المسلمين لأبي بكر الصديق -رضي اللَّه عنه- في سقيفة بني ساعدة: ". . . فقلت: ابْسُطْ يَدَكَ يا أَبَا بَكْرٍ، فَبَسَطَ يَدَهُ فَبَايَعْتُهُ، وَبَايَعَهُ الْمُهَاجِرُونَ، ثُمَّ بَايَعَتْهُ الْأَنْصَارُ وَنَزَوْنَا (¬1) عَلَى سَعْدِ بْن عُبَادَةَ. فَقَالَ قَائِلٌ مِنْهُمْ: قَتَلْتُمْ سَعْدَ بْنَ عُبَادَةَ (¬2). فَقُلْتُ: قَتَلَ اللَّهُ سَعْدَ بْنَ عُبَادَةَ (¬3). قَالَ عُمَرُ: وَإِنَّا واللَّه مَا وَجَدْنَا فِيمَا حَضَرْنَا مِنْ أَمْرٍ أَقْوَى مِنْ مُبَايَعَةِ أَبِي بَكْرٍ، خَشِينَا إِنْ فَارَقْنَا الْقَوْمَ وَلَمْ تَكُنْ بَيْعَةٌ أَنْ يُبَايِعُوا رَجُلًا مِنْهُمْ بَعْدَنَا، فَإِمَّا بَايَعْنَاهُمْ عَلَى مَا لَا نَرْضَى، وَإِمَّا نُخَالِفُهُمْ، فَيَكُونُ فَسَادٌ" (¬4).
2 - وقال -رضي اللَّه عنه- في خطبته حِينَ جَلَسَ عَلَى الْمِنْبَرِ وَذَلِكَ الْغَدَ مِنْ يَوْم تُوُفِّيَ النَّبِيُّ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "إِنَّ أَبَا بَكْرٍ صَاحِبُ رَسُول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- ثانِيَ اثْنَيْنِ، فَإِنَّهُ أَوْلَى المُسْلِمِينَ بِأُمُورِكُمْ، فَقُومُوا فَبَايِعُوهُ"، قال أنس بن مالك -رضي اللَّه عنه-: "وَكَانَتْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ قَدْ بَايَعُوهُ قَبْلَ ذَلِكَ فِي سقِيفَةِ بَنِي سَاعِدَةَ، وَكَانَتْ بَيْعَةُ الْعَامَّةِ عَلَى الْمِنْبَرِ" (¬5).
• وجه الدلالة: عدم إجماع أهل الحل والعقد على اختيار أبي بكر -رضي اللَّه عنه- كسعد بن عبادة، وإن تم الإجماع على بيعته نهاية.
3 - جعل عمر -رضي اللَّه عنه- الخلافة بين ستة من العشرة المبشرين بالجنة، فقال لهم عبد الرحمن بن عوف -رضي اللَّه عنه-: "لَسْتُ بِالَّذِي أُنَافِسُكُمْ على هذا الْأَمْرِ، وَلَكِنَّكُمْ إن شِئْتُمْ اخْتَرْتُ لَكُمْ مِنْكُمْ". فَجَعَلُوا ذلك إلى عبد الرحمن. . . فَأَرْسَلَ إلى من كان
¬__________
(¬1) نزونا: أي وثبنا عليه وغلبنا عليه. يُنظر: عمدة القاري (24/ 12).
(¬2) قتلتم سعد بن عبادة: كناية عن الإعراض والخذلان والاحتساب في عدد القتلى؛ لأن من أُبطل فعله وسُلب قوته فهو كالمقتول.
(¬3) قتل اللَّه سعد بن عبادة: القائل هو عمر -رضي اللَّه عنه-، ووجه قوله هذا: إما إخبار عما قدر اللَّه عن إهماله، وعدم صيرورته خليفة، وإما دعاء صدر عنه عليه في مقابلة عدم نصرته للحق. قيل: إنه تخلف عن البيعة، وخرج إلى الشام، فوجِدَ ميِّتًا في مغتسله، وقد اخضر جسده، ولم يشعروا بموته، حتى سمعوا قائلًا يقول، ولا يرون شخصه. يُنظر: عمدة القاري (24/ 12).
(¬4) تقدم تخريجه (ص 155).
(¬5) تقدم تخريجه (ص 155).