كتاب موسوعة الإجماع في الفقه الإسلامي (اسم الجزء: 5)

5 - وقول باثنين؛ لأن الاثنين أقلّ الجمع، وليكونا حاكمًا وشاهدين، كما يصح عقد النكاح بولي وشاهدين، وعزاه الماوردي لعلماء الكوفة.
6 - ومن قائل بواحد؛ لأن العباس قال لعلي -رضي اللَّه عنهما-: "امدد يدك أبايعك، فيقول الناس: عم رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- بايع ابن عمه، فلا يختلف عليك اثنان" (¬1). ولأن عمر لما بايع أبا بكر -رضي اللَّه عنهما- تبعه الصحابة على ذلك ووافقوه، ولأنه حُكْمٌ، وحكم واحد نافذ، وبه قال أبو الحسن الأشعري (¬2)، والإيجي (¬3)، والغزالي (¬4)، وإمام الحرمين (¬5)، شريطة -عند الأخيرين- أن يكون ذا شوكة، وإلا فلا، والقرطبي (¬6)، وعند جمهور الشافعية (¬7)، أنها تنعقد بمن تيسر حضوره وقت المبايعة من العلماء، والرؤساء، وسائر وجوه الناس، المتصفين بصفات الشهود، ولو تعلق الحل والعقد بواحد مطاع كفى؛ لأن الأمر إذا لم يكن صادرًا عن رأي من له تقدم في الوضع وقول مقبول، لم تؤمن إثارة فتنة.
ونوقشت هذه الأقوال:
1 - بأنه لا يجوز قياس عدد أهل الحل والعقد على عدد من تصح بهم الجمعة، أو الشهود، أو النكاح، أو غيرها؛ لأنه قياس مع الفارق، وليس قول أي طائفة منها أولى من القول الآخر، ثم كيف يُترك مصير الأمة لواحد أو اثنين
¬__________
(¬1) لم أقف عليه مسندًا. وذكره ابن قتيبة الدينوري في الإمامة والسياسة، تحقيق: خليل منصور، دار الكتب العلمية، بيروت، طبعة 1418 هـ (1/ 8)، والماوردي في الأحكام السلطانية (ص 7)، والقرافي في الذخيرة (10/ 25)، والسعد التفتازاني في شرح المقاصد في علم الكلام (2/ 285).
(¬2) أصول الدين لأبي منصور البغدادي (ص 280).
(¬3) المواقف للإيجي (3/ 593).
(¬4) فضائح الباطنية (ص 176).
(¬5) غياث الأمم (ص 54).
(¬6) الجامع لأحكام القرآن للقرطبي (1/ 269).
(¬7) روضة الطالبين (10/ 43)، ومآثر الإنافة (ص 43)، وأسنى المطالب (4/ 109)، ومغني المحتاج (4/ 130)، ونهاية المحتاج (7/ 409).

الصفحة 171