كتاب موسوعة الإجماع في الفقه الإسلامي (اسم الجزء: 5)
أو مجموعة صغيرة بعد تغير العصور وفساد الناس؟ (¬1)
2 - أما الاستناد لبيعة أبي بكر وعمر -رضي اللَّه عنهما- فمردود بأنها تمت بمبايعة كبار المهاجرين والأنصار، ولو قُدِّر أن عمر وطائفة معه بايعوا أبا بكر، وامتنع الصحابة عن البيعة، لم يصر إمامًا بذلك، وإنما صار إمامًا بمبايعة جمهور الصحابة الذين هم أهل القدرة والشوكة (¬2).
3 - وكذلك في بيعة عثمان -رضي اللَّه عنه-، لم يصر إمامًا باختيار بعضهم -أي بعض الستة- بل بمبايعة الناس له، وجميع المسلمين بايعوا عثمان، لم يتخلف عن بيعته أحد (¬3).
4 - أما الاستناد على صحة بيعة الواحد بمبادرة عمر في بيعة أبي بكر، ومتابعة الصحابة له، فغير صحيح، ألا ترى أن أحدًا لا تقطع الأعناق إليه مثل أبي بكر؟ فهم بالأحرى موافقون على فعل عمر، وإلا أليس عمر القائل: "من بَايَعَ رَجُلًا من غَيْرِ مَشُورَةٍ من المُسْلِمِينَ، فَلَا يُتَابَعَ هُو وَلا الَّذِي تَابَعَهُ، تَغِرَّةً أَنْ يُقْتَلَا" (¬4)؟ وكونه هو السابق إلى البيعة، فلا بد في كل بيعة من سابق (¬5).
5 - أما الزعم بأن العباس قال لعلي بن أبي طالب -رضي اللَّه عنهما- بعد موت النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "امدد يدك أبايعك"، فهي من التُّرَّهات التي لا دليل عليها، ولم تصح.
وفي الجملة: فإن القول بعقدها بواحد من النوادر التي لا حكم لها.
والراجح من هذه الأقوال واللَّه أعلم هو قول الطائفة الثالثة والذي استلزم التقييد بعدد محدد من أهل الحل والعقد، أمَّا تحديد العدد فيجب أن يصار فيه إلى ما تقتضيه ضرورة كل عصر ومصر.Rعدم صحة الإجماع؛ لوجود الخلاف.
¬__________
(¬1) المعتمد في أصول الدين لأبي يعلى (ص 139).
(¬2) منهاج السنة النبوية (1/ 529).
(¬3) منهاج السنة النبوية (1/ 532).
(¬4) جزء من خبر سقيفة بني ساعدة، المتقدم تخريجه (ص 134).
(¬5) منهاج السنة النبوية (1/ 531).