كتاب موسوعة الإجماع في الفقه الإسلامي (اسم الجزء: 5)
الدليل الثانى: حديث ابن عباس -رضي اللَّه عنهما- قال: خَرَجَ رَسُولُ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- فِي مَرَضِهِ الَّذِي مَاتَ فِيهِ عَاصِبٌ رَأسَهُ بخِرْقَةٍ، فَقَعَدَ عَلَى الْمِنْبَرِ، فَحَمِدَ اللَّه وَأَثْنَى عَلَيْهِ، ثُمَّ قَالَ: "إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ النَّاسِ أَحَدٌ أَمَنَّ عَلَيَّ فِي نَفْسِهِ وَمَالِهِ مِنْ أَبِي بكْرِ بْنِ أَبِي قُحَافَةَ، وَلَوْ كنْتُ مُتَّخِذًا مِنْ النَّاسِ خَلِيلًا لَاتَّخَذْتُ أَبَا بَكْرٍ خَلِيلًا، وَلَكِنْ خُلَّةُ الْإِسْلَامِ أَفْضَلُ، سُدُّوا عَنِّي كُلَّ خَوْخَةٍ فِي هَذَا المَسْجِدِ غَيْرَ خَوْخَةِ أَبِي بَكْرٍ" (¬1).
• وجه الدلالة: قال ابن كثير: "وهذا قاله في آخر حياته -صلى اللَّه عليه وسلم-، علمًا منه أن أبا بكر -رضي اللَّه عنه- سيلي الأمر بعده، ويحتاج إلى الدخول في المسجد كثيرًا للأمور المهمة فيما يصلح للمسلمين، فأمر بسد الأبواب الشارعة إلى المسجد إلا بابه -رضي اللَّه عنه-" (¬2).
الدليل الثالث: حديث جبير بن مطعم -رضي اللَّه عنه- قال: أَتَتْ النَّبِيَّ -صلى اللَّه عليه وسلم- امْرَأَةٌ، فَكَلَّمَتْهُ فِي شَيْءٍ، فَأَمَرَهَا أَنْ تَرْجِعَ إِلَيْهِ، قَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّه، أَرَأَيْتَ إِنْ جِئْتُ وَلَمْ أَجِدْكَ -كَأَنَّهَا تُرِيدُ المَوْتَ- قَالَ: "إِنْ لَمْ تَجِدِينِي فَأْتِي أَبَا بَكْرٍ" (¬3).
الدليل الرابع: حديث عائشة -رضي اللَّه عنها- أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال في مرضه الذي توفي فيه: "لَقَدْ هَمَمْتُ -أَوْ أَرَدْتُ- أَنْ أُرْسِلَ إِلَى أَبِي بَكْرٍ وَابْنِهِ، فَأَعْهَدَ أَنْ يَقُولَ الْقَائِلُونَ أَوْ يَتَمَنَّى المُتَمَنُّونَ، ثُمَّ قُلْتُ: يَأْبَى اللَّه وَيَدْفَعُ المُؤْمِنُونَ، أَوْ يَدْفَعُ اللَّه وَيَأْبَى المُؤْمِنُونَ" (¬4) وفي رواية: قالت -رضي اللَّه عنها-: قَالَ لي رَسُولُ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- في مَرَضِهِ: "ادْعِي لي أَبَا بَكْرٍ وَأَخَاكِ حَتَّى أَكْتُبَ كتَابًا، فإني أَخَافُ أَنْ يَتَمَنَّى مُتَمَنٍّ وَيَقُولَ قَائِلٌ: أَنَا أَوْلَى. وَيَأْبَى اللَّه وَالمُؤْمِنُونَ إِلَّا أَبَا بَكْرٍ" (¬5).
قال ابن تيمية: "النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- دلَّ المسلمين على استخلاف أبي بكر، وأرشدهم
¬__________
(¬1) تقدم تخريجه (ص 137).
(¬2) تفسير ابن كثير (1/ 502).
(¬3) تقدم تخريجه.
(¬4) تقدم تخريجه.
(¬5) تقدم تخريجه.
الصفحة 175