كتاب موسوعة الإجماع في الفقه الإسلامي (اسم الجزء: 5)
إليه بأمور متعددة من أقواله وأفعاله، وأخبر بخلافته إخبار راض بذلك حامد له، وعزم على أن يكتب بذلك عهدًا، ثم علم أن المسلمين يجتمعون عليه، فترك الكتاب اكتفاء بذلك" (¬1).
• ثانيًا: الآثار: الدليل الأول: روي عن أبي سعيد الخدري -رضي اللَّه عنه- قال: ". . . فلما قعد أبو بكر على المنبر، نظر في وجوه القوم، فلم ير عليًّا، فسأل عنه، فقام ناس من الأنصار فأتوا به، فقال أبو بكر: ابن عم رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- وختنه، أردت أن تشق عصا المسلمين! فقال: لا تثريب يا خليفة رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، فبايعه، ثم لم ير الزبير بن العوام، فسأل عنه حتى جاؤوا به، فقال: ابن عمة رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- وحواريه، أردت أن تشق عصا المسلمين! فقال مثل قوله: لا تثريب يا خليفة رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، فبايعاه" (¬2).
• وجه الدلالة: إجماع الصحابة على اختيار أبي بكر -رضي اللَّه عنه- خليفة للمسلمين.
الدليل الثاني: ثبت في الصحيح عن عائشة -رضي اللَّه عنها- أنها قالت: ". . . فَلَمَّا صَلَّى أَبُو بَكْرٍ صَلَاةَ الظُّهْرِ رَقِيَ عَلَى الْمِنْبَرِ فَتَشَهَّدَ، وَذَكَرَ شَأْنَ عَلِيٍّ وَتَخَلُّفَهُ عَنِ الْبَيْعَةِ، وَعُذْرَهُ بالذي اعْتَذَرَ إِلَيْهِ. ثُمَّ اسْتَغْفَرَ وَتَشَهَّدَ عَلِيُّ بْنُ أَبِى طَالِبٍ، فَعَظَّمَ حَقَّ أَبِي بَكْرٍ وَأَنَّهُ لَمْ يَحْمِلْهُ عَلَى الذي صَنَعَ نَفَاسَةً عَلَى أَبِى بَكْرٍ وَلَا إِنْكَارًا للذي فَضَّلَهُ اللَّه بِهِ، وَلَكِنَّا كُنَّا نَرَى لَنَا في الأَمْرِ نَصيبًا فَاسْتُبِدَّ عَلَيْنَا بِهِ، فَوَجَدْنَا في أَنْفُسِنَا. فَسُرَّ بِذَلِكَ المُسْلِمُونَ وَقَالُوا أَصَبْتَ. فَكَانَ المُسْلِمُونَ إِلَى عَلِيٍّ قَرِيبًا حِينَ رَاجَعَ الأَمْرَ المَعْرُوفَ" (¬3).
• وجه الدلالة: قال النووي: "في هذا الحديث بيان صحة خلافة أبي بكر، وانعقاد الإجماع عليها" (¬4).
• من خالف الإجماع: زعم ابن الراوندي أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- نص على العباس
¬__________
(¬1) منهاج السنة النبوية (1/ 358 وما بعدها).
(¬2) تقدم تخريجه (ص 155).
(¬3) تقدم تخريجه (ص 157).
(¬4) المنهاج شرح صحيح مسلم بن الحجاج (12/ 79).