كتاب موسوعة الإجماع في الفقه الإسلامي (اسم الجزء: 5)

• مستند الإجماع: يستدل على ذلك بالآثار الدالة على اتفاق المصدر الأول، فمن بعدهم على اتباع الطرق المقررة لانعقاد الإمامة، فقد أجمعوا على الاختيار بعد موت النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، وتابعوا أبا بكر -رضي اللَّه عنه- في استخلافه لعمر -رضي اللَّه عنه-، وبايعوا عثمان -رضي اللَّه عنه- بعد تنفيذ شورى عمر -رضي اللَّه عنه- في الستة. وقد ذكرنا آنفًا الآثار الدالة على ذلك.Rصحة الإجماع على أنه لا يكفي الشخص بمجرد صلوحه للإمامة وجمعه لشرائطها أن يصير إمامًا، بل لابد من ولوج إحدى الطرق المقررة لانعقاد الإمامة.

[30/ 30] تنفيذ عهد الإمام إذا أوصى بالإمامة إلى من يصلح لها
• المراد بالمسألة: العهد لغة: الميثاق، فكل ما بين العباد من مواثيق فهو عهد، ومنه قيل: ولي العهد؛ لأنه ولي الميثاق الذي يؤخذ على من بايع الخليفة (¬1).
العهد اصطلاحًا: أن يستخلف الإمام آخر بعده في الخلافة، ويعهد بها إليه (¬2). وقد اتفق العلماء على تنفيذ عهد الإمام إذا أوصى بالإمامة إلى من يصلح لها.
• من نقل الإجماع: أبو منصور البغدادي (429 هـ) قال: "إذا أوصى بها الإمام إلى من يصلح لها وجبت على الأمة إنفاذ وصيته، كما أوصى بها أبو بكر إلى عمر، وأجمعت الصحابة على متابعته، فيها" (¬3). الماوردي (450 هـ) قال: "وأما انعقاد الإمامة بعهد من قبله، فهو مما انعقد الإجماع على جوازه، ووقع الاتفاق على صحته" (¬4) أبو المعالي الجويني (478 هـ) قال: "أصل تولية العهد ثابت قطعًا، مستند إلى إجماع حملة الشريعة" (¬5). القاضي عياض (544 هـ) قال:
¬__________
(¬1) لسان العرب (3/ 311) (عهد)، معجم مقاييس اللغة (4/ 167) (عهد).
(¬2) الأحكام السلطانية لأبي يعلى (ص 25).
(¬3) أصول الدين لأبي منصور البغدادي (ص 285).
(¬4) الأحكام السلطانية للماوردي (ص 11).
(¬5) غياث الأمم (ص 100).

الصفحة 185