كتاب موسوعة الإجماع في الفقه الإسلامي (اسم الجزء: 5)
• مستند الإجماع: ويستدل على ذلك بأدلة من السنة، والآثار:
• أولًا: السنة: حديث العرباض بن سارية -رضي اللَّه عنه- أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "عَلَيْكُمْ بِسُنَّتِي، وَسُنَّةِ الخُلَفَاءِ المَهْدِيِّينَ الرَّاشِدِينَ، تَمَسَّكُوا بها، وَعَضُّوا عليها بِالنَّوَاجِذِ" (¬1).
ومثله حديث حذيفة -رضي اللَّه عنه- أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "اقْتَدُوا بِاللَّذَيْنِ مِنْ بَعْدِي: أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ" (¬2).
• وجه الدلالة: أمر النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- بلزوم سنته، وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعده، ومن سنتهم -رضي اللَّه عنه- استخلاف من يصلح للإمامة، كما فعل أبو بكر الصديق -رضي اللَّه عنه- بعهده لعمر -رضي اللَّه عنه-.
• ثانيًا الآثار: جمع أبو بكر الصديق رضى اللَّه عنه الناس في مرضه الذي قُبض فيه وقال لهم: "أمِّروا عليكم من أحببتم، فإنكم إن أمَّرتم عليكم في حياة مني كان أجدر ألا تختلفوا بعدي". فقاموا في ذلك، وحلُّوا عنه، فلم تستقم لهم، فقالوا: ارأ لنا يا خليفة رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-. قال: "فلعلكم تختلفون؟ " قالوا: لا، قال: "فعليكم عهد اللَّه على الرضا؟ " قالوا: نعم. قال: "فأمهلوني أنظر للَّه ودينه ولعباده"، فأرسل أبو بكر إلى عثمان بن عفان -رضي اللَّه عنهما- فقال: "أشر علي برجل، واللَّه إنك عندي لها لأهل وموضع". فقال: عمر. فقال: "اكتب". فكتب حتى انتهى إلى الاسم، فغُشي عليه، ثم أفاق فقال: "اكتب عمر" (¬3).
¬__________
(¬1) أخرجه أحمد (4/ 126) رقم (17184)، أبو داود، باب: لزوم السنة (4/ 200) رقم (4607)، والترمذي، كتاب العلم، باب: ما جاء في الأخذ بالسنة (5/ 44) رقم (2676)، وابن ماجه، المقدمة، باب: اتباع سنة الخلفاء الراشدين (1/ 15) رقم (42).
(¬2) أخرجه أحمد (5/ 382) رقم (23293)، والترمذي، باب: مناقب أبي بكر وعمر رضي اللَّه عنهما (5/ 609) رقم (3662) وحسنه، وصححه الحاكم في المستدرك، كتاب معرفة الصحابة، باب: أبو بكر ابن أبي قحافة (3/ 79) رقم (4451، 4452، 4453، . . .)، كما حسنه ابن الملقن في البدر المنير (9/ 578).
(¬3) تقدم تخريجه.