كتاب موسوعة الإجماع في الفقه الإسلامي (اسم الجزء: 5)

• ثانيًا: عهد أبي بكر لعمر -رضي اللَّه عنهما- وبيعة الناس له:
4 - جمع أبو بكر الصديق رضى اللَّه عنه الناس في مرضه الذي قُبض فيه وقال لهم: "أمِّروا عليكم من أحببتم، فإنكم إن أمَّرتم عليكم في حياة مني كان أجدر ألا تختلفوا بعدي". فقاموا في ذلك، وحلُّوا عنه، فلم تستقم لهم، فقالوا: ارأ لنا يا خليفة رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-. قال: "فلعلكم تختلفون؟ " قالوا: لا، قال: "فعليكم عهد اللَّه على الرضا؟ " قالوا: نعم. قال: "فأمهلوني انظر للَّه ودينه ولعباده"، فأرسل أبو بكر إلى عثمان بن عفان -رضي اللَّه عنهما- فقال: "أشر علي برجل، واللَّه إنك عندي لها لأهل وموضع". فقال: عمر. فقال: "اكتب". فكتب حتى انتهى إلى الاسم، فغُشي عليه، ثم أفاق فقال: "اكتب عمر" (¬1).
• ثالثًا: تنفيذ شورى عمر رضى اللَّه عنه والبيعة لعثمان -رضي اللَّه عنه-:
5 - قال المسور بن مخرمة رضى اللَّه عنه: "إِنَّ الرَّهْطَ الَّذِينَ وَلَّاهُمْ عُمَرُ اجْتَمَعُوا فَتَشَاوَرُوا، فقال لهم عبد الرحمن: لَسْتُ بِالَّذِي أُنَافِسُكُمْ على هذا الْأَمْرِ، وَلَكِنَّكُمْ إن شِئْتُمْ اخْتَرْتُ لَكُمْ مِنْكُمْ، فَجَعَلُوا ذلك إلى عبد الرحمن، فلما وَلَّوْا عَبْدَ الرحمن أَمْرَهُمْ فَمَالَ النَّاسُ على عبد الرحمن، حتى ما أَرَى أَحَدًا مِنَ الناس يَتْبَعُ أُولَئِكَ الرَّهْطَ، ولا يَطَأُ عَقِبَهُ، وَمَالَ النَّاسُ على عبد الرحمن يُشَاوِرُونَهُ تِلْكَ اللَّيَالِي، حتى إذا كانت اللَّيْلَةُ التي أَصبَحْنَا منها فَبَايَعْنَا عُثْمَانَ"، قال الْمِسْوَرُ: "طَرَقَنِي عبد الرحمن بَعْدَ هَجْعٍ من اللَّيْلِ، فَضَرَبَ الْبَابَ حتى اسْتَيْقَظْتُ، فقال: أَرَاكَ نَائِمًا! فَوَالله ما اكْتَحَلْتُ هذه الثَّلاثِ بِكَبِيرِ نَوْمٍ، انْطَلِقْ فَادْعُ الزُّبَيْرَ وَسَعْدًا، فَدَعَوْتُهُمَا له، فَشَاوَرَهُمَا، ثُمَّ دَعَانِي فقال: ادْعُ لي عَلِيًّا، فَدَعَوْتُهُ، فَنَاجَاهُ حَتَّى إبْهَارِ اللَّيْلُ، ثُمَّ قام عَلِيٌّ من عِنْدِهِ وهو على طَمَعٍ، وَقَدْ كَانَ عَبْدُ الرَّحْمَن يَخْشَى مِنْ عَلِيٍّ شَيْئًا، ثُمَّ قال: ادْعُ لي عُثْمَانَ، فَدَعَوْتُهُ، فَنَاجَاهُ حَتَّى فَرَّقَ بَيْنَهُمَا المُؤَذِّنُ بِالصبْحِ، فَلَمَّا صَلَى لِلنَّاسِ الصُّبْحَ، وَاجْتَمَعَ أُولَئِكَ الرَّهْطُ عِنْدَ الْمِنْبَرِ، فَأَرْسَلَ إلى مَنْ كَانَ حَاضِرًا مِنَ المُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ، وَأَرْسَلَ إلى أُمَرَاءِ الْأَجْنَادِ، وَكَانُوا وَافَوْا تِلْكَ الْحَجَّةَ مع عُمَرَ، فَلَمَّا اجْتَمَعُوا
¬__________
(¬1) تقدم تخريجه.

الصفحة 191