كتاب موسوعة الإجماع في الفقه الإسلامي (اسم الجزء: 5)

تَشَهَّدَ عبد الرحمن، ثُمَّ قال: أَمَّا بَعْدُ، يا عَلِيُّ، إني قد نَظَرْتُ في أَمْرِ النَّاسِ فَلَمْ أَرَهُمْ يَعْدِلُونَ بِعُثْمَانَ، فلا تَجْعَلَنَّ على نَفْسِكَ سَبِيلًا، فقال: أُبَايِعُكَ على سُنَّةِ اللَّه وَرَسُولِهِ وَالْخَلِيفَتَيْن من بَعْدِهِ، فَبَايَعَهُ عبد الرحمن، وَبَايَعَهُ الناس؛ المُهَاجِرُونَ، وَالْأَنْصَارُ، وَأُمَرَاءُ الْأَجْنَادِ، وَالمُسْلِمُونَ" (¬1).
• رابعًا: البيعة لعلي -رضي اللَّه عنه-:
اختلفت الروايات في وقت بيعة الناس لعلي بن أبي طالب -رضي اللَّه عنه-، فقيل: إنه بويع بعد أربعة أيام من قتل عثمان رضى اللَّه عنه، وقيل: بعد خمسة، وقيل بعد ثلاثة، وقيل: بويع يوم الجمعة لخمس بقين من ذي الحجة، وقيل: بويع عقيب قتل عثمان، وأصح الروايات: أنه امتنع عن البيعة إلى أن دُفن عثمان، ثم بويع على منبر رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- ظاهرًا (¬2).
قال ابن حجر العسقلاني: "وكانت بيعة علي بالخلافة عقب قتل عثمان في أوائل ذي الحجة سنة خمس وثلاثين، فبايعه المهاجرون، والأنصار، وكل من حضر، وكتب بيعته إلى الآفاق، فأذعنوا كلهم، إلا معاوية في أهل الشام، فكان بينهم بعد ما كان" (¬3).Rصحة الإجماع على خلافة الخلفاء الراشدين.

[32/ 32] للإمام الحق في الاستخلاف أو عدم الاستخلاف
• المراد بالمسألة: الاستخلاف لغة: الخاء واللام والفاء أصول ثلاثة: أحدها: التغير، ومنه: قولهم: خلف فوه، إذا تغير وأخلف. والثاني: ضد قدام، ومنه: جلست خلف فلان أي بعده. والثالث: أن يجيء شيء بعد شيء يقوم مقامه، كقول اللَّه -تعالى-: {فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ} (¬4). والخلافة سميت كذلك؛ لأن الثاني يجيء بعد الأول قائمًا مقامه، ويُقال: خلفت فلانًا
¬__________
(¬1) تقدم تخريجه.
(¬2) أخرجه الحاكم، كتاب معرفة الصحابة، ذكر إسلام أمير المؤمنين علي -رضي اللَّه عنه- (3/ 123) رقم (4594).
(¬3) فتح الباري (7/ 72).
(¬4) سورة الأعراف، الآية: (169).

الصفحة 192