كتاب موسوعة الإجماع في الفقه الإسلامي (اسم الجزء: 5)

الذي توفي فيه: "لَقَدْ هَمَمْتُ -أَوْ أَرَدْتُ- أَنْ أُرْسِلَ إِلَى أَبِي بَكْرٍ وَابْنِهِ، فَأَعْهَدَ أَنْ يَقُولَ الْقَائِلُونَ أَوْ يَتَمَنَّى المُتَمَنُّونَ، ثُمَّ قُلْتُ: يَأْبَى اللَّه وَبَدْفَعُ المُؤْمِنُونَ، أَوْ يَدْفَعُ اللَّه وَيَأْبَى المُؤْمِنُونَ" (¬1) وفي رواية: قالت -رضي اللَّه عنها-: قَالَ لي رَسُولُ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- في مَرَضِهِ: "ادْعِي لي أَبَا بَكْرٍ وَأَخَاكِ حَتَّى أَكْتُبَ كِتَابًا، فإني أَخَافُ أَنْ يَتَمَنَّى مُتَمَنٍّ وَبَقُولَ قَائِلٌ: أَنَا أَوْلَى. وَيَأْبَى اللَّه وَالمُؤْمِنُونَ إِلَّا أَبَا بَكْرٍ" (¬2).
• وجه الدلالة: قال ابن تيمية: "النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- دلَّ المسلمين على استخلاف أبي بكر، وأرشدهم إليه بأمور متعددة من أقواله وأفعاله، وأخبر بخلافته إخبار راض بذلك حامد له، وعزم على أن يكتب بذلك عهدًا، ثم علم أن المسلمين يجتمعون عليه، فترك الكتاب اكتفاء بذلك" (¬3).
• ثانيًا: الآثار:
1 - جمع أبو بكر الصديق -رضي اللَّه عنه- الناس في مرضه الذي قُبض فيه وقال لهم: "أمِّروا عليكم من أحببتم، فإنكم إن أمَّرتم عليكم في حياة مني كان أجدر ألا تختلفوا بعدي". فقاموا في ذلك، وحلُّوا عنه، فلم تستقم لهم، فقالوا: ارأ لنا يا خليفة رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-. قال: "فلعلكم تختلفون؟ " قالوا: لا، قال: "فعليكم عهد اللَّه على الرضا؟ " قالوا: نعم. قال: "فأمهلوني أنظر للَّه ودينه ولعباده"، فأرسل أبو بكر إلى عثمان بن عفان -رضي اللَّه عنهما- فقال: "أشر علي برجل، واللَّه إنك عندي لها لأهل وموضع". فقال: عمر. فقال: "اكتب". فكتب حتى انتهى إلى الاسم، فغُشي عليه، ثم أفاق فقال: "اكتب عمر" (¬4).
2 - عن عبد اللَّه بن عمر -رضي اللَّه عنهما- قال: قِيلَ لِعُمَرَ: أَلَا تَسْتَخْلِفُ؟ قَالَ: "إِنْ أَسْتَخْلِفْ فَقَدْ اسْتَخْلَفَ مَنْ هُوَ خَيْرٌ مِنِّي: أَبُو بَكْرٍ، وَإِنْ أَتْرُكْ فَقَدْ تَرَكَ
¬__________
(¬1) تقدم تخريجه.
(¬2) تقدم تخريجه.
(¬3) منهاج السنة النبوية (1/ 358 وما بعدها).
(¬4) تقدم تخريجه.

الصفحة 195