كتاب موسوعة الإجماع في الفقه الإسلامي (اسم الجزء: 5)
فِيمَا أَخَذَ عَلَيْنَا: أَنْ بَايَعَنَا عَلَى السَّمْعِ وَالطَّاعَةِ، فِي مَنْشَطِنَا، وَمَكْرَهِنَا، وَعُسْرِنَا، ويُسْرِنَا، وَأَثَرَةٍ عَلَيْنَا، وَأَنْ لَا نُنَازعَ الأَمْرَ أَهْلَهُ، قَالَ: "إِلَّا أَنْ تَرَوْا كفْرًا بَوَاحًا عِنْدَكُمْ مِنَ اللَّه فِيهِ بُرْهَانٌ" (¬1).
2 - حديث حذيفة بن اليمان -رضي اللَّه عنه- قال: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- إِنَّا كُنَّا بِشَرٍّ فَجَاءَ اللَّهُ بِخَيْرٍ فَنَحْنُ فِيهِ، فَهَلْ مِنْ وَرَاءِ هَذَا الْخَيْرِ شَرٌّ؟ قَالَ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "نَعَمْ"، قُلْتُ: هَلْ وَرَاءَ ذَلِكَ الشَّرِّ خَيْرٌ؟ قَالَ: "نَعَمْ"، قُلْتُ: فَهَلْ وَرَاءَ ذَلِكَ الْخَيْرِ شَرٌّ؟ قَالَ: "نَعَمْ"، قُلْتُ: كَيْفَ؟ قَالَ: "يَكُونُ بَعْدِى أَئِمَّة لَا يَهْتَدُونَ بِهُدَاي، وَلَا يَسْتَنُّونَ بِسُنَّتِي، وَسَيَقُومُ فِيهِمْ رِجَالٌ قُلُوبُهُمْ قُلُوبُ الشَّيَاطِينِ فِي جُثْمَان إِنْسٍ"، قَالَ: قُلْتُ: كَيْفَ أَصْنَعُ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنْ أَدْرَكْتُ ذَلِكَ؟ قَالَ: "تَسْمَعُ وَتُطِيعُ لِلأمِيرِ، وَإِنْ ضُرِبَ ظَهْرُكَ وَأُخِذَ مَالُكَ، فَاسْمَعْ وَأَطِعْ" (¬2).
• وجه الدلالة: فيهما دلالة على السمع والطاعة وترك الخروج على الأئمة؛ لئلا يشق عصا المسلمين، وألا يتسبب إلى سفك الدماء وهتك الحريم، إلا أن يكفر الإمام، ويُظهر خلاف دعوة الإسلام، فلا طاعة له، ويسري هذا على من ساد الناس ثلاثة أيام إمامًا.
• ثانيًا: المعقول: قال الغزالي: "لو تعذر وجود الورع والعلم فيمن يتصدى للإمامة، وكان في صرفه إثارة فتنة لا تطاق، حكمنا بانعقاد إمامته؛ لأننا بين أن نحرِّك فتنة بالاستبدال، فما يلقى المسلمون منه من الضرر يزيد على ما يفوتهم من نقصان هذه الشروط التي أثبتت المزية المصلحة، فلا يُهدم أصل المصلحة شغفًا بمزاياها، كالذي يبني قصرًا ويهدم مصرًا، وبين أن نحكم بخلو البلاد من الإمام، وبفساد الأقضية، وذلك محال، ونحن نقضي بنفوذ قضاء أهل البغي في بلادهم؛ لمسيس حاجتهم، فكيف لا نقضي بصحة الإمامة عند الحاجة والضرورة؟ " (¬3).
¬__________
(¬1) أخرجه البخاري، كتاب الفتن، باب: قول النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: سترون بعدي فتنًا تنكرونها (9/ 47) رقم (7055)، ومسلم، كتاب الإمارة، باب: وجوب طاعة ولاة الأمر (3/ 1470) رقم (1709).
(¬2) تقدم تخريجه.
(¬3) إحياء علوم الدين (2/ 233).
الصفحة 197