كتاب موسوعة الإجماع في الفقه الإسلامي (اسم الجزء: 5)
أقاربه على ثلاثة أقوال:
القول الأول: صحة العهد من الأب أو الابن (¬1). أدلة القول الأول:
1 - أن الخليفة أمير الأمة، ونافذ الأمر لهم وعليهم، ومن ثم تتغلب صفته هذه على كونه والدًا أو ولد، وعليه فهو الأقدر على التعرف على المصلحة العامة للمسلمين، دون أن يؤدي ذلك إلى التهمة أو الشك في أمانته (¬2).
2 - أن الإمامة تخرج من الحقوق المتعلقة بالأمة، وتصبح من الحقوق الخالصة للخليفة يستقل فيها بنظره (¬3).
وكما قال ابن خلدون: "فهو وليهم والأمين عليهم، ينظر لهم ذلك في حياته، ويتبع ذلك أن ينظر لهم بعد مماته، ويقيم لهم من يتولى أمورهم كما كان هو يتولاها، ويثقون بنظره لهم في ذلك كما وثقوا به فيما قبل، وقد عُرِف ذلك من الشرع بإجماع الأمة على جوازه وانعقاده. . . ولا يُتهم الإمام في هذا الأمر، وإن عهد إلى أبيه أو ابنه؛ لأنه مأمون على النظر لهم في حياته، فأولى أن لا يحتمل فيها تبعة بعد مماته" (¬4).
ويناقش ذلك بما يلي:
1 - أن الإمامة ليست من الحقوق الخالصة للخليفة يتصرف فيها كيف شاء، كالوصية بماله، وإنما هي أمر يتعلق بالمسلمين جميعهم (¬5).
2 - أن القول بنفي التهمة حال إيثار الخليفة الابن أو الأب لا يقبله عقل أو منطق، أو حتى بحكم الطبيعة البشرية.
3 - أن تنفيذ هذا الرأي إنما يعني وأد الشورى في مقتل، ناهيك عن مخالفته
¬__________
(¬1) الأحكام السلطانية للماوردي (ص 12)، والذخيرة للقرافي (10/ 27)، ومآثر الإنافة في معالم الخلافة للقلقشندي (1/ 26)، الدرة الغراء في نصيحة السلاطين والقضاء والأمراء (ص 10).
(¬2) الأحكام السلطانية للماوردي (ص 12)، ومآثر الإنافة (1/ 26).
(¬3) مآثر الإنافة (1/ 26).
(¬4) مقدمة ابن خلدون (ص 210).
(¬5) الأحكام السلطانية لأبي يعلى (ص 25)، ومآثر الإنافة (1/ 26).