كتاب موسوعة الإجماع في الفقه الإسلامي (اسم الجزء: 5)

المحمدية لعلمه الأزلي بأنهم سيكونون عدولًا، وهو خبر صادق لا يحتمل الكذب (¬1).
الدليل الثالث: واستدلوا أيضًا بقول اللَّه -تعالى-: {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ} (¬2).
• وجه الدلالة: أن اللَّه -عز وجل- وصف أمة محمد -صلى اللَّه عليه وسلم- بأنهم يأمرون بكل معروفٍ وينهون عن كل منكرٍ، فانتفى أن تجتمع الأمة - وللَّه الحمد - على ضلالة.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية: "فلو قالت الأمة في الدين بما هو ضلال لكانت لم تأمر بالمعروف في ذلك، ولم تنه عن المنكر فيه" (¬3).

ثانيًا: أدلة حجية الإجماع من السنة: استدلوا بأحاديث منها:
قوله -صلى اللَّه عليه وسلم-: "من فَارَقَ الجَمَاعَةَ شِبْرًا فَمَاتَ إِلَّا مَاتَ مِيتَةَ جَاهِلِيَّة" (¬4). وقوله -صلى اللَّه عليه وسلم-: "مَنْ أَرَادَ بُحْبُوحَةَ الجَنَّةِ فَلْيَلْزَمِ الجَمَاعَةَ" (¬5). وقوله -صلى اللَّه عليه وسلم-: "إِنَّ اللَّه لَا يجْمَعُ
¬__________
(¬1) الإبهاج للسبكي (3/ 301).
(¬2) سورة آل عمران، الآية: (110).
(¬3) مجموع فتاوى ابن تيمية (19/ 177).
(¬4) أخرجه البخاري، كتاب الفتن، باب قول النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: سترون بعدي أمورًا تنكرونها (9/ 47) رقم (7054)، بتحقيق: محمد زهير بن ناصر الناصر، دار طوق النجاة، الطبعة الأولى 1422 هـ، ومسلم، كتاب الإمارة، باب: وجوب ملازمة جماعة المسلمين (3/ 1477) رقم (1849)، بتحقيق: محمد فؤاد عبد الباقي، دار إحياء التراث العربي، بيروت، من حديث ابن عباس رضي اللَّه عنهما.
(¬5) أخرجه أحمد في المسند (1/ 18) رقم (114)، والترمذي، باب: ما جاء في لزوم الجماعة (4/ 465) رقم (2165) وصححه، والنسائي في الكبرى (5/ 387) رقم (9219) بتحقيق: عبد الغفار البنداري، وسيد كسروي، دار الكتب العلمية، بيروت، الطبعة الأولى 1411 هـ، والحاكم في المستدرك، كتاب العلم (1/ 197) رقم (387) بتحقيق: مصطفى عبد القادر عطا، دار الكتب العلمية، بيروت، الطبعة الأولى 1411 هـ، من حديث عمر بن الخطاب -رضي اللَّه عنه-. وقال: "هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، فإني لا أعلم خلافًا بين أصحاب عبد اللَّه بن المبارك في إقامة هذا الإسناد عنه، ولم يخرجاه".

الصفحة 32