كتاب موسوعة الإجماع في الفقه الإسلامي (اسم الجزء: 5)

المبحث الثالث شروط الإجماع
ينعقد الإجماع بتوفر عدد من الشروط، ولقد اخترت منها ما هو أكثر صلة بموضوع الدراسة، ومن تلك الشروط:

الشرط الأول: اتفاق الأكثر: اختلف العلماء في شرط أن يكون الاتفاق في الإجماع واقعًا من كل المجتهدين، إذا كان المقصود بيان الحكم الشرعي لمسألة ما على قولين:
القول الأول: أنه لا بد من اتفاق الجميع على المسألة، بحيث إذا خالف في الحكم واحد أو أكثر فإن الإجماع لا ينعقد، وإن كان القائلون هم الأكثر (¬1).
وقد استدل أصحاب هذا القول بأمرين هما: الدليل الأول: إن الأدلة الدالة على حجية الإجماع جاءت بألفاظ دالة على العموم والاستغراق كلفظ المؤمنين في قول اللَّه -تعالى-: {وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ} (¬2)، والأمة في قوله -صلى اللَّه عليه وسلم-: "إِنَّ اللَّه لَا يجْمَعُ أُمَّتِي عَلَى ضَلَالَةٍ" (¬3) (¬4).
وإذا استعملا في الأكثر فذلك بطريق التجوز، ولا يُصار إلى ذلك إلا بقرينة، ولا قرينة مع هذه النصوص (¬5).
الدليل الثاني: أن الأدلة الدالة على عصمة الأمة مثل قول اللَّه -تعالى-: {وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤمِنِينَ}. إنما شهدت بالعصمة لمجموع الأمة، ومجموع الأمة ليس بحاصل مع خلاف الواحد والاثنين (¬6).
¬__________
(¬1) التقرير والتحبير (3/ 93 - 94)، والبرهان للجويني (1/ 721)، والمستصفى للغزالي (1/ 186)، وأصول السرخسي، محمد بن أحمد بن أبي سهل السرخسي (1/ 316).
(¬2) سورة النساء، الآية (115).
(¬3) تقدم تخريجه (ص 32).
(¬4) أحكام القرآن، تأليف: أبو بكر أحمد بن علي الرازي الجصاص.
(¬5) المحصول للرازي (2/ 91)، ونهاية السول شرح منهاج البيضاوي، للإسنوي (2/ 309).
(¬6) نشر البنود على مراقي السعود، لعبد اللَّه بن إبراهيم الشنقيطي.

الصفحة 35