كتاب موسوعة الإجماع في الفقه الإسلامي (اسم الجزء: 5)
• وجه الدلالة: يدل ظاهر الحديث على أن الحق مع السواد الأعظم، وأن المنفرد بقوله مخطئ (¬1) وأجيب عن ذلك: بحمل السواد الأعظم أو الجماعة على الكل حقيقة، ويرجّح ذلك ما ورد في حديث ابن عباس -رضي اللَّه عنهما-: "وَمَنْ شَذَّ شَذَّ إلى النَّارِ" (¬2)، أي: من خرج عن رأي الكل، ولو لم يكن إجماعًا وحجة لما استحق المخالف لذلك النار؛ لأن الاتفاق واقع على أن المجتهد مأجور وليس مأزورًا (¬3).
الترجيح: ويظهر -واللَّه أعلم- أن الراجح هو القول الأول، وذلك لقوة أدلة القائلين به وقوة مناقشتهم لأدلة أصحاب القول الثاني.
الشرط الثاني: استناد الإجماع إلى دليل: وقد ذهب جماهير أهل العلم إلى أنه لا بد للإجماع من مستند (¬4).
وخالف في ذلك بعض المتكلمين (¬5)، فقالوا: يجوز أن ينعقد الإجماع عن طريق الإلهام فيحصل لهم تبخيتًا، وهذا قول ساقط وخلاف لا يعتد به، ولذلك أسقطه بعض أهل العلم ولم يحكه، كالغزالي، والشيرازي (¬6)، بل وصفه الآمدي بالشذوذ (¬7).
¬__________
= عبد اللَّه الكلابي، وفي كله انظر. يُنظر: تذكرة المحتاج إلى أحاديث المنهاج لابن الملقن، (ص 51)، ومصباح الزجاجة، أحمد بن أبي بكر بن إسماعيل الكناني، (4/ 169).
(¬1) المحصول (2/ 259).
(¬2) تقدم تخريجه (ص 32).
(¬3) المعتمد لأبي الحسن البصري (2/ 31)، وحجية الإجماع، محمد محمود فرغلي، (ص 310).
(¬4) المستصفى (1/ 196)، والمحصول (4/ 187)، وأصول السرخسي (1/ 301)، ومسلم الثبوت (2/ 238)، ومختصر ابن الحاجب، مطبوع مع شرح بيان المختصر، (1/ 586)، والتمهيد لأبي الخطاب الكلوذاني، (3/ 285)، ومجموع فتاوى ابن تيمية، أحمد بن عبد الحليم بن تيمية، تحقيق: عبد الرحمن بن محمد بن قاسم، مكتبة ابن تيمية، الطبعة الثانية (19/ 196 - 194).
(¬5) سلاسل الذهب، لبدر الدين الزركشي، (ص 356)، والمسودة لآل تيمية، تحقيق: محمد محيى الدين عبد الحميد، (ص 296).
(¬6) شرح اللمع للشيرازي، تحقيق: عبد المجيد التركي، (2/ 683).
(¬7) الإحكام للآمدي (1/ 261).