كتاب موسوعة الإجماع في الفقه الإسلامي (اسم الجزء: 5)
يريدون به "الإمامة الكبرى" أو العامة، كما نُقل ذلك عن ابن حزم رحمه اللَّه (¬1).
المطلب الثالث: لفظ "الإمام" في الكتاب والسنة: لم يرد لفظ "الإمامة" في القرآن الكريم، بينما ورد لفظ "الإمام" في مواضع عدة، فجاء بصيغة الإفراد، في قول اللَّه -تعالى-: {إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا} (¬2)، أي: مُصَيِّرُك للناس إمامًا يؤتم به، ويُقتدى به (¬3). وقول اللَّه -تعالى-: {وَاْجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا} (¬4)، أي: أئمة يقتدي بنا من بعدنا (¬5).
وجاء بصيغة الجمع، في قول اللَّه -تعالى-: {وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا} (¬6)، أي: أئمة يؤتم بهم في الخير في طاعة اللَّه في اتباع أمره ونهيه، ويقتدى بهم (¬7). وقول اللَّه -تعالى-: {وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمْ الْوَّارِثيِنَ} (¬8)، أي: ولاة وملوكًا (¬9).
كما ورد بمعنى: من يؤتم بهم في الشر، كقول اللَّه -تعالى-: {وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ} (¬10)، أي: جعلنا فرعون وقومه أئمة يأتم بهم أهل العتو على اللَّه والكفر به (¬11).
لكن لا ينصرف لفظ "الإمام" إلى أئمة الباطل إلا إذا قُيّد، كما في الآيات السابقة، أما إن كان على إطلاقه فإنه ينصرف إلى أئمة الهدى.
¬__________
(¬1) الفصل في الملل والأهواء والنحل، علي بن حزم الظاهري أبو محمد، مكتبة الخانجي، القاهرة (4/ 74).
(¬2) سورة البقرة، الآية: (124).
(¬3) يُنظر: تفسير الطبري (1/ 529).
(¬4) سورة الفرقان، الآية: (74).
(¬5) يُنظر: تفسير الطبري (19/ 52).
(¬6) سورة الأنبياء، الآية: (73).
(¬7) يُنظر: تفسير الطبري (17/ 49).
(¬8) سورة القصص، الآية: (5).
(¬9) تفسير الطبري (20/ 28).
(¬10) سورة القصص، الآية: (41).
(¬11) تفسير الطبري (20/ 79).