كتاب موسوعة الإجماع في الفقه الإسلامي (اسم الجزء: 5)
وقد نقلنا أدلة وجوب نصب الإمام من الكتاب، والسنة، وإجماع الصحابة، والرد على من شذ عنه فيما سلف آنفًا (¬1). وفيما يلي مستند الإجماع من المعقول:
1 - لأن الإمام هو القائم بخلافة النبوة في حراسة الدين وسياسة الدنيا (¬2).
2 - ولأن اللَّه -تعالى- قد يزع بالسلطان ما لا يزع بالقرآن.
قال ابن رشد: "المعنى في هذا أن الذين ينتهون من الناس عن محارم الناس مخافة السلطان، أكثر من الذين ينتهون عنها لأمر اللَّه، ففي الإمام صلاح الدين والدنيا" (¬3). ولقول اللَّه -تعالى-: {لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنْزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ وَأَنْزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ وَرُسُلَهُ بِالْغَيْبِ إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ (25)} (¬4)، لأن قوله: {وَأَنْزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ} فيه إشارة إلى إعمال السيف عند الإباء بعد إقامة الحجة (¬5).
قال شيخ الإسلام ابن تيمية: "أخبر أنه أرسل الرسل وأنزل الكتاب والميزان لأجل قيام الناس بالقسط، وذكر أنه أنزل الحديد الذي به يُنصر هذا الحق، فالكتاب يهدى والسيف ينصر، وكفى بربك هاديًا ونصيرًا. ولهذا كان قوام الناس بأهل الكتاب وأهل الحديد، كما قال من قال من السلف: صنفان إذا صلحوا صلح الناس: الأمراء، والعلماء" (¬6).
3 - ولأن أكثر الواجبات تتوقف عليه كالجمعة والأعياد (¬7).
¬__________
(¬1) راجع أدلة وجوب نصب الإمام (ص 64 وما بعدها).
(¬2) الأحكام السلطانية للماوردي (ص 5).
(¬3) البيان والتحصيل (17/ 59).
(¬4) سورة الحديد، الآية: (25).
(¬5) بريقة محمودية (1/ 216)، والبيان والتحصيل (17/ 59)، وأضواء البيان (1/ 21).
(¬6) مجموع فتاوى ابن تيمية (18/ 157، 158).
(¬7) بريقة محمودية (1/ 216)، وحاشية الطحطاوي على الدر المختار (1/ 238)، وحاشية ابن عابدين (1/ 548).