كتاب موسوعة الإجماع في الفقه الإسلامي (اسم الجزء: 5)
الثاني: من يوجب الإمامة عقلًا على اللَّه -سبحانه وتعالى عما يقولون علوًا كبيرًا-: وهم الشيعة الرافضة (¬1)، وقالوا: "الإمامة لطف، واللطف واجب على اللَّه تعالى" (¬2). واللطف الواجب: "هو ما يقرب العبد إلى طاعة اللَّه تعالى، ويبعده عن معصيته بغير إلجاء ولا إكراه ولا إجبار" (¬3).
ونوقش: بأن هذا عين الجهل وسوء الأدب مع اللَّه -عز وجل-، قال -تعالى-: {مَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ} (¬4)، واللَّه -عز وجل- {لَا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ (23)} (¬5). ولا راد لقضائه ولا معقب لحكمه، قال-تعالى-: {إِنَّ اللَّهَ يَحْكُمُ مَا يُرِيدُ} (¬6).
ونوقش: بأنه إذا قلتم إن الإمام لطف وهو غائب عنكم، فأين اللطف الحاصل مع غيبته؟ ! وإذا لم يكن لطفه حاصلًا مع الغيبة، وجاز التكليف، بطل أن يكون الإمام لطفًا في الدين (¬7).
ويكفيك أن مطلوبهم بالإمامة أن يكون لهم رئيس معصوم يكون لطفًا في مصالح دينهم ودنياهم، وليس في الطوائف أبعد عن مصلحة اللطف والإمامة منهم، فإنهم يحتالون على مجهول ومعدوم، لا يُرى له عين ولا أثر، ولا يُسمع
¬__________
= يُنظر: البدر المنير في تخريج الأحاديث والآثار الواقعة في الشرح الكبير، لابن الملقن، تحقيق: مصطفى أبو الغيط، وعبد اللَّه بن سليمان، وياسر بن كمال، دار الهجرة للنشر والتوزيع، الرياض، الطبعة الأولى 1425 هـ (4/ 458)، ومجمع الزوائد (5/ 218).
قلت: وأحاديث الأمر بطاعة الأئمة -البر والفاجر- في الصحيحين، ومنها حديث حذيفة بن اليمان -رضي اللَّه عنه-، المتقدم تخريجه (ص 44)، ففي الصحيح غنية عن الضعيف.
(¬1) عقائد الإمامية الاثنى عشرية (ص 73)، وكشف المراد شرح تجريد الاعتقاد، نصير الدين الطوسي، والشرح للحسين بن يوسف المطهر الحلي، مؤسسة الأعلمي للمطبوعات، بيروت، الطبعة الأولى 1399 هـ (ص 388).
(¬2) كشف المراد شرح تجريد الاعتقاد (ص 388).
(¬3) عقائد الإمامية الاثنى عشرية (ص 38).
(¬4) سورة الحج، الآية: (74).
(¬5) سورة الأنبياء، الآية: (23).
(¬6) سورة المائدة، الآية: (1).
(¬7) منهاج السنة النبوية (6/ 264).