كتاب الذيل والتكملة لكتابي الموصول والصلة (اسم الجزء: 5)
كريمَ الطِّباع طيِّبَ النَّفْس، متبرِّعًا بقضاءِ حوائج الناس، متواضعًا معظَّمًا عند كلِّ مَن يَلقاه، مَهِيبًا مِقْدامًا، فصيحَ اللِّسان، يرغَبُ الملوكُ [في الاستماع إليه].
قال أبو عبد الله بنُ عَسْكر (¬1): لمّا تزوَّجتُ كان في نَفْسي [أن لا أستدعيَه إلّا في يوم الإطعام] وأكبَرتُ استدعاءه يومَ الذَّبح؛ لكونِه يومَ مِهنةٍ وتعب، [فبينَما أنا أتصرَّفُ في] أسبابِ ما كنتُ بصَدَدِه قُرع البابُ، فأذِنتُ في فتحِه، فإذا أبو الفَضل [يَدخُلُ عاتبًا] عليّ وقائلًا: ما كنتُ أظُنُّ منكَ هذا، هلّا استدعيتَني حتّى [أتصرَّفَ في جُملةِ من يتَصرَّف؟] فخَجِلتُ منه واعتَذرْتُ إليه بإجلالِه عن إحضاره لمثل هذه [الأشياء، فقال: لا عليكَ] الموضِعُ موضِعي، وسواءٌ استُدعِيتُ أم لم أُستَدْعَ، فشَكرتُه على [تواضُعِه وعلوِّ] قَدْرِه وجميل عِشرتِه.
وُلد بسَبْتَةَ لإحدى عشْرةَ ليلةً بقِيت من المحرَّم إحدى وستينَ وخمس مئة، وتوفِّي بمالَقةَ في العَشْر الوُسَط من جُمادى الآخِرة سنةَ ثلاثينَ وست مئة.
40 - عيسى بنُ حَمّاد بن محمد الأوربيُّ، تِلِمْسينيٌّ، أبو موسى.
رَوى بالأندَلُس عن أبي عليّ الصَّدَفيِّ (¬2)؛ وكان من أهل الضّبطِ والإتقان، والزُّهدِ والدّينِ المتين.
41 - عيسى بنُ حَيُّونَ.
كان فقيهًا قاضيًا بأرشقولَ (¬3) لإدريسَ بن عيسى، ودخَلَ الأندَلُسَ غازيًا، حَكَى عنه أبو عُبَيدٍ البَكْريُّ في أخبارِ الأدارسة عندَ ذكْرِه مدينةَ فاس من كتابِه في "المسالك والممالك" (¬4).
¬__________
(¬1) أعلام مالقة (151)، قال ابن خميس: "حدثني خالي رحمة الله عليه قال" وخاله هو ابن عسكر، وهو مؤلف أعلام مالقة الذي هذبه وأكمله ابن أخته ابن خميس.
(¬2) لم يذكره ابن الأبار في المعجم الذي ألفه في أصحاب أبي علي الصدفي.
(¬3) من مدن المغرب القديمة على نهر تافنا أوى إليها بعض الأدارسة وأقاموا فيها إمارة. (الروض المعطار 26، والبكري 77 - 78 وفيه: "جنون" بدل "حيون").
(¬4) البكري 122.