كتاب شعاع من المحراب (اسم الجزء: 5)

الإنسان كالسموات والأرض. وفيه دليل على قدرته على إعادة الإنسانِ بعد موته فذاك من باب أولى: {أوليس الذي خلق السماوات والأرض بقادر على أن يخلق مثلهم بلى وهو الخلاق العليم * إنما أمره إذا أراد شيئا أن يقول له كن فيكون} (¬1).
وإذا كان هذا طرفًا من قدرة الله، في خلق الناس كلهم وأطوار حياتهم .. فأعجب منه ما استثنى اللهُ من خلقه، فخلقه من غير أبٍ ولا أم كآدم عليه السلام، أو خلقه من أب دون أم كحواء، أو خلقه من أمٍ دون أب كعيسى عليه السلام .. ولهذا جاء ذكرُ عيسى عليه السلام علمًا بين يدي الساعة، ودليلًا عليها قال تعالى: {وإنه لعلم للساعة فلا تمترون بها واتبعون هذا صراط مستقيم} (¬2).
وأحدُ المعاني في تأويل هذه الآية: أن القادر على إيجاد عيسى من أمٍّ بلا أب قادر على بعث الموتى من قبورهم .. (¬3).
بل يدرك العقلاء ويؤمن أولو الألباب بالبعث من خلال معرفتهم بحكمة الله في خلقه، والحكيم لا يترك الناسَ سدى، ولا يخلقهم عبثًا، بل لحكمة جليلة يُجازي المحسنَ بإحسانه والمسيءَ بإساءته: {أفحسبتم أنما خلقناكم عبثا وأنكم إلينا لا ترجعون * فتعالى الله الملك الحق لا إله إلا هو رب العرش الكريم} (¬4).
{وما خلقنا السماوات والأرض وما بينهما لاعبين * ما خلقناهما إلا بالحق ولكن أكثرهم لا يعلمون} (¬5).
¬_________
(¬1) سورة يس، الآيتان: 81، 82.
(¬2) سورة الزخرف، آية: 61.
(¬3) تفسير السعدي (6/ 657).
(¬4) سورة المؤمنون، الآيتان: 115، 116.
(¬5) سورة الدخان، الآيتان: 38، 39.

الصفحة 11