كتاب شعاع من المحراب (اسم الجزء: 5)

يخصها الرسولُ صلى الله عليه وسلم بنوعٍ من العبادة، إذ كان يُفضل صيامَه عن غيرهِ بعد صيامِ رمضان.
إن شهرَ اللهِ المحرم كان له شأنٌ في تاريخ الأنبياءِ عليهم السلام.
وبين تعظيم هذا الشهرِ، وما نُدب فيه من العبادة، وارتباطهِ بتاريخ الأنبياء- وخاصة موسى عليه السلام- أقف خمس وقفاتٍ، مذكرًا بها نفسي وإياكم.
الوقفة الأولى: هو شهرُ الانتصار للمؤمنين والاستعلاء للإيمان، أخرج البخاري في صحيحه من حديث ابن عباس رضي الله عنهما قال: قدم رسولُ الله صلى الله عليه وسلم المدينةَ فرأى اليهود تصومُ يومَ عاشوراء، فقال: ((ما هذا؟ )) قالوا: هذا يومٌ صالحٌ، هذا يومٌ نجَّى اللهُ بني إسرائيلَ من عدوِّهم (¬1).
وفي صحيح مسلم: ((هذا يومٌ عظيم أنجى اللهُ فيه موسى وقومَه وغرق فرعونُ وقومه)) (¬2).
وإذا كان هذا في شأن موسى وقومه، فقد أخرج الإمامُ أحمدُ الحديثَ السابق وزاد فيه: ((وهو اليومُ الذي استوت فيه السفينةُ على الجودي فصامه نوحُ شكرًا)) (¬3).
بل ورد القول بأن النصارى كانت تُعظم هذا اليوم، وقيل احتمال صيام عيسى عليه السلام له على اعتبار أنه مما لم ينسخ من شريعةِ موسى عليه السلام؛ لأن كثيرًا منها نُسخ بشريعة عيسى كما قال تعالى: {ولأحل لكم بعض الذي حرم عليكم} (¬4).
¬_________
(¬1) الصحيح مع الفتح 4/ 244 ح 2004.
(¬2) انظر الفتح 4/ 247.
(¬3) الفتح 4/ 247، 248.
(¬4) سورة آل عمران، الآية: 50، وانظر الفتح 4/ 248.

الصفحة 16