آخذين ما آتاهم ربهم إنهم كانوا قبل ذلك محسنين * كانوا قليلا من الليل ما يهجعون * وبالأسحار هم يستغفرون} (¬1).
قيام الليل هدي محمد صلى الله عليه وسلم {ياأيها المزمل * قم الليل إلا قليلا * نصفه أو انقص منه قليلا * أو زد عليه ورتل القرآن ترتيلا} (¬2).
وهو هدي خيار الأمة معه: {إن ربك يعلم أنك تقوم أدنى من ثلثي الليل ونصفه وثلثه وطائفة} (¬3).
وقيام الليل مفخرة لأهله، وامتدح الشعراء به أهله، وهذا عبد الله بن رواحة رضي الله عنه يمدح رسول الله صلى الله عليه وسلم ويقول:
وفينا رسول الله يتلو كتابه ... إذ انشق معروف من الصبح ساطع
يبيت يُجافي جنبه عن فراشه ... إذا استثقلت بالمشركين المضاجع
وذكروا المتقاعس أو المتباطئ فيه فقالوا:
أمامك يا نومانُ دارُ سعادة ... يطول الثوى فيها ودارُ شقاء
خُلقت لإحدى الغايتين فلا تنم ... وكن بين خوفٍ منهما ورجاء (¬4)
((نعم الرجل عبد الله لو كان يصلي من الليل)) (¬5).
هكذا كان النبيُّ صلى الله عليه وسلم يدعو أصحابه لقيام الليل ويرغبهم فيه، ولقد وضع صلى الله عليه وسلم الزرع في منبته، فاستجاب الرجال للنداء، وأجابوا الدعوة والداعي، وكانوا رهبانًا
¬_________
(¬1) سورة الذاريات، الآيات: 15 - 18.
(¬2) سورة المزمل، الآيات: 1 - 4.
(¬3) سورة المزمل، الآيات: 20.
(¬4) تفسير القرطبي 14/ 100.
(¬5) رواه أحمد، متفق عليه، صحيح الجامع الصغير 6/ 31.