كتاب فتوح الغيب في الكشف عن قناع الريب (حاشية الطيبي على الكشاف) (اسم الجزء: 5)
وما تنقمون منا إلا الجمع بين إيماننا وبين تمرّدكم وخروجكم عن الإيمان! كأنه قيل: وما تنكرون منا إلا مخالفتكم حيث دخلنا في دين الإسلام، وأنتم خارجون منه! ويجوز أن يكون على تقدير حذف المضاف؛ أي: واعتقاد أنكم فاسقون.
ومنها: أن يعطف على المجرور، أي: وما تنقمون منا إلا الإيمان باللَّه وبما أنزل وبأنّ أكثركم فاسقون!
ويجوز أن تكون الواو بمعنى "مع" أي: وما تنقمون منا إلا الإيمان مع أنّ أكثركم فاسقون!
ويجوز أن يكون تعليلاً معطوفاً على تعليل محذوفٍ، كأنه قيل: وما تنقمون منا إلا الإيمان لقلة إنصافكم وفسقكم واتباعكم الشهوات! ويدل عليه تفسير الحسن: بفسقكم نقمتم ذلك علينا.
وروي أنه أتى رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم نفرٌ من اليهود فسألوه عمن يؤمن به من الرسل؟ فقال: (آمنا بالله وما أنزل إلينا) إلى قوله: (ونحن له مسلمون) [البقرة: 136] فقالوا حين سمعوا ذكر عيسى عليه السلام: ما نعلم أهل دينٍ أقل حظاً في الدنيا والآخرة منكم ولا ديناً شراً من دينكم، فنزلت. وعن نعيم بن ميسرة: (وإنّ أكثركم) بالكسر. ويحتمل أن ينتصب (وَأَنَّ أَكْثَرَكُمْ) بفعلٍ محذوف يدل عليه .......
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (وما تنقمون منا إلا الجمع بين إيماننا وبين تمردكم)، قال أبو البقاء: هذا كقولك للرجل: ما كرهت مني إلا أني محبب إلى الناس وأنك مُبغض، وإن كان قد لا يعترف بأنه مبغض.
قوله: ("وإن أكثركم" بالكسر) وعلى هذا يجوز أن يكون حالاً من ضمير {تَنقِمُونَ} أي: هل تنقمون منا إلا الإيمان والحال أنكم فاسقون، وفيه رائحة من معنى التعليل.