كتاب فتوح الغيب في الكشف عن قناع الريب (حاشية الطيبي على الكشاف) (اسم الجزء: 5)

(هل تنقمون) أي: ولا تنقمون أن أكثركم فاسقون، أو يرتفع على الابتداء والخبر محذوفٌ، أي: وفسقكم ثابت معلوم عندكم، لأنكم علمتم أنا على الحق وأنكم على الباطل، إلا أن حب الرياسة وكسب الأموال لا يدعكم فتنصفوا.
[(قُلْ هَلْ أُنَبِّئُكُمْ بِشَرٍّ مِنْ ذَلِكَ مَثُوبَةً عِنْدَ اللَّهِ مَنْ لَعَنَهُ اللَّهُ وَغَضِبَ عَلَيْهِ وَجَعَلَ مِنْهُمُ الْقِرَدَةَ وَالْخَنَازِيرَ وَعَبَدَ الطَّاغُوتَ أُولَئِكَ شَرٌّ مَكَانًا وَأَضَلُّ عَنْ سَوَاءِ السَّبِيلِ* وَإِذَا جَاءُوكُمْ قَالُوا آَمَنَّا وَقَدْ دَخَلُوا بِالْكُفْرِ وَهُمْ قَدْ خَرَجُوا بِهِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا كَانُوا يَكْتُمُونَ)].
(ذلِكَ): شارة إلى المنقوم، ولا بدّ من حذف مضاف قبله، أو قبل (من) تقديره: بشرّ من أهل ذلك، أو دين من لعنه اللَّه، و (مَنْ لَعَنَهُ اللَّهُ) في محل الرفع على قولك: هو من لعنه اللَّه، كقوله تعالى: (قُلْ أَفَأُنَبِّئُكُمْ بِشَرٍّ مِنْ ذلِكُمُ النَّارُ) [الحج: 72]، أو في محل الجر على البدل من "شرّ".
وقرئ: (مَثُوبَةً) (ومَثْوَبةً) ومثالهما: مَشُورَة ومَشْوَرَة
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (ولابد من حذف مضاف قبله) أي: قبل {ذَلِكَ}، وهو "المنقوم" أو قبل {مَنْ} أي: قبل {مَنْ لَعَنَهُ اللَّهُ}؛ لأن الإيمان المشار إليه غيرُ مطابق لقوله: {مَنْ لَعَنَهُ اللَّهُ} في معنى يشترك فيه لفظة "شر"، فيقدر: "الأهل" عند الإيمان أو "الدين" عند من لعنه الله، ليطابقه، فالمعنى: هل أنبئكم بشر من أهل الإيمان بزعمكم؟ هو من لعنه الله، أو: هل أنبئكم بشر من الإيمان بزعمكم؟ هو دين من لعنه الله.
قوله: (في محل الرفع)، قال الزجاج: ومن رفع بإضمار "هو"، كأن قائلاً قال: من ذلك؟ فقيل: هو من لعنه الله.

الصفحة 406