كتاب فتوح الغيب في الكشف عن قناع الريب (حاشية الطيبي على الكشاف) (اسم الجزء: 5)

ليست في قولك: أولئك شر وأضل، لدخوله في باب الكناية التي هي أخت المجاز.
نزلت في ناس من اليهود كانوا يدخلون على رسول اللَّه صلى اللَّه تعالى عليه وسلم يظهرون له الإيمان نفاقاً، فأخبره اللَّه تعالى بشأنهم وأنهم يخرجون من مجلسك كما دخلوا، لم يتعلق بهم شيء مما سمعوا به من تذكيرك بآيات اللَّه ومواعظك.
وقوله: (بِالْكُفْرِ) و (بِهِ) حالان؛ أي: دخلوا كافرين، وخرجوا كافرين، وتقديره: ملتبسين بالكفر. وكذلك قوله: (وَقَدْ دَخَلُوا) (وَهُمْ قَدْ خَرَجُوا) ولذلك دخلت (قَدْ) تقريباً للماضي من الحال. ولمعنى آخر: وهو أن أمارات النفاق كانت لائحة عليهم، .......
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
إلى المعنى في إثبات الشر للمكان، والمراد أهله، كان من الكناية، لأن المكان من حيث هو: لا يوصف بالشر، بل بسبب من حل فيه، فإذا وُصف به يلزم إثباته للحال فيه بالطريق البرهاني، ولما كان الانتقال من الملزوم إلى اللازم مجازاً، ومن عكسه كناية، قال: "أخت المجاز".
قوله: (وكذلك قوله: {وَقَدْ دَخَلُوا} {وَهُمْ قَدْ خَرَجُوا} يعني: أنهما حالان أيضاً، فعلى هذا في الكلام حالان مترادفان، وكل واحدة منهما مشتملة على حال فتكونا متداخلتين. الانتصاف وفي تصدر الجملة الثانية بالضمير تأكيد لاتحاد حالتهم في الكفر، تقول: لقيت زيداً لما جاء من سفره وهو هو وعبد الحميد عبد الحميد.
وقلت: ليس بذلك، بل هو من تقديم الفاعل المعنوي لإفادة الاختصاص، وخُصت القرينة الثانية به دلالة على [أن] حُكم غير المنافقين من الكفار خلاف ذلك، فإنهم إذا دخلوا كافرين خرجوا مؤمنين لما سمعوا من الذكر والموعظة الناجعة فيهم.
قوله: (ولمعنى آخر): عطف على قوله: "ولذلك دخلت"، قال ابن الحاجب: قد يُسمى

الصفحة 410