كتاب فتوح الغيب في الكشف عن قناع الريب (حاشية الطيبي على الكشاف) (اسم الجزء: 5)
(إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكافِرِينَ)، ومعناه: أنه لا يمكنهم مما يريدون إنزاله بك من الهلاك. وعن أنس: كان رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم يحرس حتى نزلت
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
القتل، وعلى الثاني: خاصة بحسب الزمان عامة في مقتضاها، يعني: أن الله تعالى لا يمكنهم مما يريدون إنزاله بك من الهلاك، لكن يشكل هذا بما استتب لليهود من تمكنهم من أن سموه، ولهذا فسروا قوله تعالى: {وَفَرِيقاً تَقْتُلُونَ} بقولهم: إنهم يبذلون جهدهم في قتله ولذلك سموه، ويمكن أن يقال: إن المعنى: يا أيها الذي تصدى لمنصب الرسالة وتبليغ ما أُنزل إليه، امض لشأنك وأد ما عليك ولا تهتم بأعدائك، فإنه تعالى ضمن لك العصمة من الهلاك بسبب تبليغ الوحي؛ لأنه لا يهدي القوم الكافرين إلى إطفاء نور الله تعالى لقوله تعالى: {وَيَابَى اللَّهُ إِلاَّ أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ} [التوبة: 32]، ففي وضع قوله: {الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ} موضع ضمير {النَّاسَ} وإن لم يقل: لا يهديهم إشعارٌ بذلك، ولم يكن تمكين اليهود مما أرادوا به من الهلاك يوم خيبر لأجل التبليغ، بل للذب عن البلاد والأموال والأنفس، وسبق في "البقرة" الحديث الوارد فيه في تفسير قوله: {أَفَكُلَّمَا جَاءَكُمْ رَسُولٌ بِمَا لا تَهْوَى أَنفُسُكُمْ اسْتَكْبَرْتُمْ فَفَرِيقاً كَذَّبْتُمْ وَفَرِيقاً تَقْتُلُونَ} [البقرة: 87].
الراغب: عصمة الأنبياء: حفظه إياهم أولاً: بما خصهم به من صفاء الجوهر، ثم بما أولاهم من الفضائل والأخلاق، ثم بالنصرة وتثبيت أقدامهم، ثم بإنزال السكينة عليهم وبحفظ قلوبهم، وبالتوفيق.
قوله: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يُحرس حتى نزلت) الحديث أخرجه الترمذي عن عائشة رضي الله عنها، فعلى هذا التخصيص بحسب الزمان دون الأشخاص كما في الثاني، والمراد بالعصمة: سائر ما يرومه الأعداء من السوء.