كتاب فتوح الغيب في الكشف عن قناع الريب (حاشية الطيبي على الكشاف) (اسم الجزء: 5)

أي: فاعلموا أنا بغاة وأنتم كذلك.
فإن قلت: هلا زعمت أن ارتفاعه للعطف على محل (إن) واسمها؟ قلت: لا يصح ذلك قبل الفراغ من الخبر. لا تقول: إن زيداً وعمرو منطلقان.
فإن قلت: لم لا يصح والنية به التأخير، فكأنك قلت: إنّ زيداً منطلقٌ وعمروٌ. قلت: لأني إذا رفعته رفعته عطفاً على محل (إن) واسمها: والعامل في محلهما هو الابتداء، فيجب أن يكون هو العامل في الخبر، لأن الابتداء ينتظم الجزأين في عمله كما تنتظمها "إن" في عملها، فلو رفعت (والصابئون) المنويّ به التأخير بالابتداء، وقد رفعت الخبر بـ (إنّ)، لأعملت فيهما رافعين مختلفين.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ابن أبي خازم البيتين، أي: قد جززتم نواصيهم فاحملوا غرامة الجز إلينا وأطلقوا من أسرتم منهم، وإن لم تفعلوا فاعلموا أنا نظلمكم كما أنكم ظلمتمونا، وقدم أنتم للإيذان بأنهم أوغل في البغي؛ لأن بغي القاتل جزاء لبغيهم.
قوله: (للعطف على محل {إنَّ} واسمها)، قال ابن الحاجب: وذلك أن موضع {إنَّ} وما عملت فهي الرفع، لكون المعنى لم يتغير، فجاء العطف لذلك، وأما سائر أخواتها فمخالفة لها في المعنى الذي من أجله صح العطف.
قوله: (لأعملت فيهما) أي: في المبتدأ والخبر، ومعناه: أنه لو رُفع "الصابئون" بالابتداء بأن يكون عطفاً على محل {إنَّ} واسمها، لكان العامل في المبتدأ التجريد، وفي الخبر: {إنَّ}، فيلزم أن يكون العامل في المبتدأ غير العامل في الخبر، والواجب أن يكون الخبر مرفوعاً بما ارتفع به المبتدأ كما قرر، ولا يمكن تقدير عملين فيه بأن يقال: إنه مرفوع بـ"إن" والابتداء معاً، للقطع بأن اسماً واحداً لا يكون فيه رفعان، قال صاحب "الفرائد": لا يستقيم قوله في الجواب: "لأني إذا رفعته" إلى آخره؛ لأنه لما اعتبر التأخير وجب أن يكون العامل فيه وفي الخبر

الصفحة 431