كتاب فتوح الغيب في الكشف عن قناع الريب (حاشية الطيبي على الكشاف) (اسم الجزء: 5)

فإن قلت: فقوله (والصابئون) معطوفٌ لا بد له من معطوفٍ عليه فما هو؟ قلت: هو مع خبره المحذوف جملةٌ معطوفةٌ على جملة قوله: (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا .... ) إلى آخره، ولا محل لها، كما لا محل للتي عطفت عليها.
فإن قلت: ما التقديم والتأخير إلا لفائدة، فما فائدة هذا التقديم؟ قلت: .......
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الابتداء، وإنما لزم إعمال عاملين مختلفين إذا لم ينووا التأخير فيقال له: إن قولك: وجب أن يكون العامل فيه وفي الخبر الابتداء هذا إذا قُدر له خبر آخر كما اختار المصنف وحمل الآية عليه، لكن الكلام فيه أن يكون الخبر هو المذكور بعينه، نعم، رد عليه أن الآية ليست من قبيل: إن زيداً وعمرو منطلقان؛ لأن قوله تعالى: {مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ} صالح لكل المذكورين، فهو من قبيل إن زيداً وعمرو منطلق، قال ابن الحاجب: وليس قول من قال: إن زيداً وعمرو قائم من قبيل الممنوع؛ لأن قائم إما أن يُقدر خبراً عن "عمرو"، فيون خبر زيد مقدما، وإما أن يُجعل خبراً عن الاسم الأول وخبر الثاني محذوف، فعلى التقديرين لم يعطف إلا بعد مُضي الخبر، بخلاف: إن زيداً وعمرو منطلقان، فإن ذلك غير ممكن لتشريكهما جميعاً في خبر واحد، وقال أيضاً في شرح قول المصنف في "المفصل": فعلى التقديم والتأخير كأنه ابتدأ بعد ما مضى الخبر، الكلام يحتمل أمرين، أحدهما: ما ذكره في "الكشاف": " {وَالصَّابِئُونَ}: رفع على الابتداء وخبره محذوف"، والآخر: أن قوله: فعلى التقديم والتأخير، أي: فعلى تقدير الخبر مقدماً على "الصابئون" وتقدير "الصابئون" مؤخراً عنه، ويصح في مثل هذا أن يعبر بالتقديم والتأخير، وهذا أولى لما يلزم فيه الحذف فقط، وفي ذلك الحذف وتغيير الموضع، ولأن مذهب سيبويه في قولك: زيد وعمرو قائم أن الخبر للثاني، وخبر الأول محذوف، واستدل على ذلك بقوله:

الصفحة 432