كتاب فتوح الغيب في الكشف عن قناع الريب (حاشية الطيبي على الكشاف) (اسم الجزء: 5)

فائدته التنبيه على أن الصابئين يتاب عليهم إن صح منهم الإيمان، والعمل الصالح، فما الظن بغيرهم؟ وذلك أن الصابئين أبين هؤلاء المعدودين ضلالاً وأشدّهم غياً، وما سموا صابئين إلا لأنهم صبؤا عن الأديان كلها، أي: خرجوا، كما أن الشاعر قدم قوله «وأنتم» تنبيهاً على أن المخاطبين أو غل في الوصف بالبغاة من قومه حيث عاجل به قبل الخبر الذي هو «بغاة»؛ لئلا يدخل قومه في البغي قبلهم مع كونهم أو غل فيه منهم وأثبت قدماً.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
نحن بما عندنا وأنت بما ... عندك راضٍ والقول مختلف
لأنه لو كان خبراً عن "نحن" لقال: راضون، هذا تلخيص كلامه.
ونقل أبو البقاء عن سيبويه في قوله تعالى: {وَاللَّهُ وَرَسُولُهُ أَحَقُّ أَنْ يُرْضُوهُ} [التوبة: 62]: بأن {أَحَقُّ}: خبر "الرسول"، وخبر الأول محذوف، وهذا أقوى من عكسه؛ لأنه لا يلزم منه التفريق بين المبتدأ والخبر، فيقال: إن قول المصنف: "إنما يقال: تقديم وتأخير للمُزال لا للقار في مكانه": جواب عما عسى أن يتوهم متوهم مثل ما توهم ابن الحاجب في ذلك التقديم والتأخير، ولأنه يفوت على ذلك التقدير الغرض المطلوب من التقديم والتأخير، وهو الاهتمام، وأن الصابئين أشد غياً من هؤلاء، قال صاحب "الفرائد": ويمكن أن يقال: هذا على حد قول من قال: ولا سابق شيئاً، وحق الكلام أن يقول: ولا سابقاً، لأنه بعد قوله: "بدا لي أني لست مدرك ما مضى"، ولكنه قال: ولا سابق؛ لأنه ساغ له أن يقول: لست بمدرك

الصفحة 433