كتاب فتوح الغيب في الكشف عن قناع الريب (حاشية الطيبي على الكشاف) (اسم الجزء: 5)
والمنافع فبإقدار اللَّه وتمكينه، فكأنه لا يملك منه شيئاً. وهذا دليل قاطع على أن أمره مناف للربوبية، حيث جعله لا يستطيع ضراً ولا نفعاً، وصفة الرب أن يكون قادراً على كل شيء لا يخرج مقدور على قدرته.
(وَاللَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ) متعلق بـ (أتعبدون)، أي: أتشركون باللَّه ولا تخشونه، وهو الذي يسمع ما تقولون ويعلم ما تعتقدون؟ أو أتعبدون العاجز واللَّه هو السميع العليم الذي يصح منه أن يسمع كل مسموع ويعلم كل معلوم، ولن يكون كذلك إلا وهو حى قادر.
[(قُلْ يا أَهْلَ الْكِتابِ لا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ غَيْرَ الْحَقِّ وَلا تَتَّبِعُوا أَهْواءَ قَوْمٍ قَدْ ضَلُّوا مِنْ قَبْلُ وَأَضَلُّوا كَثِيراً وَضَلُّوا عَنْ سَواءِ السَّبِيلِ)].
(غَيْرَ الْحَقِّ) صفة للمصدر؛ أي: لا تغلوا في دينكم غلواً غير الحق؛ أي: غلواً باطلاً؛ لأنّ الغلو في الدين غلوّان:
غلوّ حق: وهو أن يفحص عن حقائقه ويفتش عن أباعد معانيه، ويجتهد
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (وهذا دليل قاطع على أن أمره مناف للربوبية)؛ لأن الإله هو الضار النافع، وهما اللذان يصححان العبودية؛ لأن المكلف إنما يعبده ليدفع عنه الضر ويجلب له النفع دنيا وعقبى، والتكرير في الضر والنفع للاستيعاب كما في قوله: {بُكْرَةً وَعَشِيّاً} [مريم: 11]، ومن ثم قال: "وصفة الرب أن يكون قادراً على كل شيء".
قوله: ({غَيْرِ الْحَقِّ}: صفة للمصدر). قال أبو البقاء: يجوز أن يكون حالاً من ضمير الفاعل، أي: لا تغلوا مجاوزين.