كتاب فتوح الغيب في الكشف عن قناع الريب (حاشية الطيبي على الكشاف) (اسم الجزء: 5)
وذلك ليس بإيمانٍ باللَّه، ومحل (لا نُؤْمِنُ) النصب على الحال، بمعنى: غير مؤمنين، كقولك مالك قائماً، والواو في (وَنَطْمَعُ) واو الحال. فإن قلت: ما العامل في الحال الأولى والثانية؟ قلت: العامل في الأولى ما في اللام من معنى الفعل، كأنه قيل: أي: شيء حصل لنا غير مؤمنين، وفي الثانية معنى هذا الفعل، ولكن مقيداً بالحال الأولى لأنك لو أزلتها وقلت: وما لنا ونطمع، لم يكن كلاماً، ويجوز أن يكون (وَنَطْمَعُ) حالاً من (لا نؤمن)، على أنهم أنكروا على نفوسهم أنهم لا يوحدون اللَّه، ويطمعون مع ذلك أن يصحبوا الصالحين، وأن يكون معطوفاً على (لا نؤمن) على معنى: وما لنا نجمع بين التثليث وبين الطمع في صحبة الصالحين، أو على معنى:
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (والواو في {وَنَطْمَعُ} واو الحال)، أي: ونحن نطمع؛ لأن المضارع المثبت لا يحتاج إليها.
قوله: (مقيداً بالحال الأولى) فيعود المعنى: أي شيء حصل لنا غير مؤمنين طامعين؟ أي: لِمَ لم نكن مؤمنين طامعين؟ وهو موافق للوجه الثاني في العطف كما سيأتي، وهو لـ "ما لنا نجمع بينهما بالدخول في الإسلام".
قوله: (ويجوز أن يكون {وَنَطْمَعُ} حالاً من {لاَّ نُؤْمِنَ})، فعلى هذا الوجه يكونان حالين متداخلتين كما كانتا على الأول مترادفتين، والمعنى: أي شيء حصل لنا غير مؤمنين في حال الطمع؟ وتحريره: ما لنا لا نوحد الله ونطمع مع ذلك مصاحبة الصالحين.
قوله: (وما لنا نجمع بين التثليث) إلى آخره، أي: أي شيء لنا نجمع بين عدم الإيمان والطمع؟ أو: لم لا نجمع بين الإيمان والطمع؟ قال صاحب "التقريب": فعلى الأول ورد المع على النفي، وعلى الثاني ورد النفي على الجمع.