كتاب فتوح الغيب في الكشف عن قناع الريب (حاشية الطيبي على الكشاف) (اسم الجزء: 5)
فبلغ ذلك رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم فقال لهم: "إني لم أؤمر بذلك، إن لأنفسكم عليكم حقاً، فصوموا وأفطروا، وقوموا وناموا، فإني أقوم وأنام، وأصوم وأفطر، وآكل اللحم والدسم، وآتي النساء، فمن رغب عن سنتي فليس مني" ونزلت.
وروي أنّ رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم كان يأكل الدجاج والفالوذ. وكان يعجبه الحلواء والعسل، وقال: «إن المؤمن حلو يحب الحلاوة»، وعن ابن مسعود أن رجلا قال له: إنى حرمت الفراش فتلا هذه الآية، وقال: نَمْ على فراشك وكفر عن يمينك. وعن الحسن: أنه دُعي إلى طعام ومعه فرقد السبخي وأصحابه، فقعدوا على المائدة وعليها الألوان من الدجاج المسمن والفالوذ وغير ذلك، فاعتزل فرقد ناحيةً، فسأل الحسن: أهو صائمٌ؟ قالوا: لا، ولكنه يكره هذه الألوان، فأقبل الحسن عليه وقال: يا فريقد، أترى لعاب النحل بلباب البرّ، بخالص السمن يعيبه مسلمٌ؟ ! وعنه: أنه قيل له: فلانٌ لا يأكل الفالوذ ويقول: لا أؤدّي شكره، قال: أفيشرب الماء البارد؟ قالوا: نعم. قال: إنه جاهلٌ، إن نعمة اللَّه عليه في الماء البارد أكثر من نعمته عليه في الفالوذ. وعنه: إن اللَّه تعالى أدّب عباده فأحسن أدبهم. قال اللَّه تعالى: (لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ) [الطلاق: 7] ما عاب اللَّه قوماً وسع عليهم الدنيا فتنعموا وأطاعوا، ولا عذر قوماً زواها عنهم فعصوه.
(وَلا تَعْتَدُوا): ولا تتعدوا حدود ما أحل اللَّه لكم إلى ما حرّم عليكم،
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (وكان يعجبه الحلواء والعسل)، روينا عن البخاري ومسلم والترمذي، عن عائشة، قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحب الحلواء والعسل.
قوله: (ولا تتعدوا). اعلم أن "لا تعتدوا" إما من المجاوزة، وإما من الظلم، قال الجوهري: التعدي: مجاوزة الشيء إلى غيره، يقال: عديته فتعدى، أي: تجاوز، وعدا عليه: من الظلم،