كتاب فتوح الغيب في الكشف عن قناع الريب (حاشية الطيبي على الكشاف) (اسم الجزء: 5)
والكفارة: الفعلة التي من شأنها أن تكفر الخطيئة؛ أي: تسترها.
(مِنْ أَوْسَطِ ما تُطْعِمُونَ): من أقصده، لأنّ منهم من يسرف في إطعام أهله، ومنهم من يقتر. وهو عند أبي حنيفة رحمه اللَّه نصف صاعٍ من برّ، أو صاعٌ من غيره لكل مسكينٍ، أو يغديهم ويعشيهم.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
إن كان جمعاً فهو في حم المفرد، كقوله تعالى: {وَإِنَّ لَكُمْ فِي الأَنْعَامِ لَعِبْرَةً نُسْقِيكُمْ مِمَّا فِي بُطُونِهِ} [النحل: 66]، وقال المصنف في سورة النحل: ذكر سيبويه الأنعام في باب ما لا ينصرف في الأسماء المفردة الواردة على أفعال، كقولهم: ثوب أكياس، ولذلك رجع الضمير إليه مفرداً، وأما في {فِي بُطُونِهَا} في سورة المؤمنين فلأن معناه الجمع.
قوله: ({مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ}: من أقصده؛ لأن منهم من يُسرف ... ، ومنهم من يُقتر)، الأساس: من المجاز: قصد في معيشته واقتصد، وقصد في المر: إذا لم يجاوز فيه الحد ورضي بالتوسط، وهو يحتمل أن يكون بياناً للنوع كما روى محيي السنة، عن عبيدة السلماني: الأوسط: الخبز والخل، والأعلى: الخبز واللحم، والأدنى: الخبز البحت، والكل مجز، أو للمقدار، كما قال القاضي: من أقصده في النوع أو القدر معاً، والذي ذكره المصنف: "وهو عند أبي حنيفة نصف صاع من بر، أو صاع من غيره" جامع لهما؛ لأن المراد من قوله: "من بُر أو غيره" بيان النوع، ومن قوله: "نصف صاع أو صاع" بيان المقدار، وهو القصد أيضاً.