كتاب فتوح الغيب في الكشف عن قناع الريب (حاشية الطيبي على الكشاف) (اسم الجزء: 5)

وقرأ سعيد بن المسيب واليماني: (أو كأسوتهم) بمعنى: أو مثل ما تطعمون أهليكم إسرافاً كان أو تقتيراً لا تنقصونهم عن مقدار نفقتهم، ولكن تواسون بينهم وبينهم.
فإن قلت: ما محل الكاف؟ قلت: الرفع، تقديره: أو طعامهم كأسوتهم، بمعنى: كمثل طعامهم إن لم يطعموهم الأوسط.
(أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ): شرط الشافعي رحمه اللَّه الإيمان قياساً على كفارة القتل، وأما أبو حنيفة وأصحابه فقد جوّزوا تحرير الرقبة الكافرة في كل كفارة سوى كفارة القتل.
فإن قلت: ما معنى (أو)؟ قلت: التخيير وإيجاب إحدى الكفارات الثلاث على الإطلاق، بأيتها أخذ المكفر فقد أصاب.
(فَمَنْ لَمْ يَجِدْ) إحداها (فَصِيامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ) متتابعاتٍ عند أبي حنيفة رحمه اللَّه، تمسكاً بقراءة أُبيّ وابن مسعود رضي اللَّه عنهما "فصيام ثلاثة أيام متتابعات"، وعن مجاهد: كل صوم متتابع إلا قضاء رمضان ويخير في كفارة اليمين. (ذلِكَ) المذكور (كَفَّارَةُ أَيْمانِكُمْ) ولو قيل: تلك كفارة أيمانكم، لكان صحيحاً بمعنى تلك الأشياء، أو لتأنيث الكفارة. والمعنى: (إِذا حَلَفْتُمْ) وحنثتم. فترك ذكر الحنث لوقوع العلم بأنّ الكفارة إنما تجب بالحنث في الحلف، لا بنفس الحلف، والتكفير قبل الحنث لا يجوز عند أبى حنيفة وأصحابه ويجوز عند الشافعي بالمال إذا لم يعص الحانث.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (والتكفير قبل الحنث لا يجوز عند أبي حنيفة ... ، ويجوز عند الشافعي بالمال إذا لم يعص الحانث)، أي: بالحنث، كما إذا حلف أن يترك الصلاة، قال الإمام: الآية دلت على أن كل واحد من هذه الأشياء كفارة لليمين عند وجود الحلف، فإذا أداها قبل الحنث أو بعده

الصفحة 471