كتاب فتوح الغيب في الكشف عن قناع الريب (حاشية الطيبي على الكشاف) (اسم الجزء: 5)

(وَاحْفَظُوا أَيْمانَكُمْ): فبروا فيها ولا تحنثوا أراد الأيمان التي الحنث فيها معصيةٌ، لأن الأيمان اسم جنسٍ يجوز إطلاقه على بعض الجنس وعلى كله. وقيل: احفظوها بأن تكفروها. وقيل: احفظوها كيف حلفتم بها، ولا تنسوها تهاونا بها.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وجب أن يخرج عن العهدة. نعم، فيها أن تقديم الكفارة على اليمين غير جائز، ويؤيد هذا ما روينا عن البخاري ومسلم وأبي داود والنسائي، عن أبي موسى: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إني والله - إن شاء الله- لا أحلف على يمين فأرى غيرها خيراً منها إلا كفرت عن يميني وأتيت الذي هو خير".
قوله: (لأن الأيمان اسم جنس) تعليل لقوله: "أراد الأيمان التي الحنث فيها معصية"، يعني: لما قيد المطلق بقوله: {وَاحْفَظُوا} علم خصوصية الأيمان، وأن المراد بها ما الحنث فيها معصية، وذلك ما يلزم من الحنث فيها تحليل حرام الله أو تحريم حلاله. واعلم أن حفظ الأيمان هو مراعاة حقها وتعظيم شأنها، فيتفرع عليها جميع ما ذكر، قال القاضي: {وَاحْفَظُوا أَيْمَانَكُمْ}: بأن تضنوا بها ولا تبذلوها لكل أمر، وقالوا: معنى {وَاحْفَظُوا أَيْمَانَكُمْ}: أمر بترك اليمين بالكلية، وقال الشاعر:
قليل الألايا حافظ ليمينه ... وإن بدرت منه الألية برت
الراغب: وجملة الأمر: أن الإنسان مندوب إلى أن لا يحلف، ومتى حلف على ألا يفعل فعلاً يجب أو يستحب أن يفعل فحقه ألا يحنث، ومتى حلف على ما يجب ألا يفعل أو يستحب

الصفحة 472