كتاب فتوح الغيب في الكشف عن قناع الريب (حاشية الطيبي على الكشاف) (اسم الجزء: 5)
إلى المضاف المحذوف، كأنه قيل: إنما شأن الخمر والميسر أو تعاطيهما أو ما أشبه ذلك. ولذلك قال: (رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطانِ).
فإن قلت: لم جمع الخمر والميسر مع الأنصاب والأزلام أولا ثم أفردهما آخراً؟ قلت: لأن الخطاب مع المؤمنين. وإنما نهاهم عما كانوا يتعاطونه من شرب الخمر واللعب بالميسر، وذكر الأنصاب والأزلام لتأكيد تحريم الخمر والميسر، وإظهار أنّ ذلك جميعاً من أعمال الجاهلية وأهل الشرك، فوجب اجتنابه بأسره، وكأنه لا مباينة بين من عبد صنما وأشرك باللَّه في علم الغيب، وبين من شرب خمراً أو قامر، ......
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (ولذلك قال: {رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ}) أي: ولأن المقدر: الشأن أو التعاطي أو ما يشبهه قال: {مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ} ليصح الحمل، قال أبو البقاء: إنما أفرد لأن التقدير: إنما فعل هذه الأشياء رجس. قال القاضي: إفراده لأنه خبر الخمر، وخبر المعطوفات محذوف، أو كأنه قال: نما تعاطي الخمر على الأول يلزم المبالغة، لأنه تعالى أمر بالاجتناب عن أعيانها، وإنما قال: {مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ} لأنه مسبب عن تسويله وتزيينه.
قوله: (وأشرك بالله في علم الغيب)، وفي الحاشية: أنه متعلق بقوله: "لا مباينة"، أي: لا فرق بين الشرك وشرب الخمر في علم الله تعالى، التحقيق أنه متعلق بقوله: "أشرك بالله"، والمراد به الأزلام، وذكر في أول السورة: "أن الاستقسام هو: طلب ما قسم للشخص مما لم يقسم له بالأزلام"، وهو الإشراك بالله في علم الغيب، وقال أيضاً: "إن الاستقسام بالأزلام دخول في علم الغيب الذي استأثر به علام الغيوب".