كتاب فتوح الغيب في الكشف عن قناع الريب (حاشية الطيبي على الكشاف) (اسم الجزء: 5)
ثم أفردهما بالذكر ليرى أن المقصود بالذكر الخمر والميسر. وقوله: (وَعَنِ الصَّلاةِ) اختصاص للصلاة من بين الذكر كأنه قيل: وعن الصلاة خصوصاً.
[(وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَاحْذَرُوا فَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ فَاعْلَمُوا أَنَّما عَلى رَسُولِنَا الْبَلاغُ الْمُبِينُ)].
(وَاحْذَرُوا): وكونوا حذرين خاشين، لأنهم إذا حذروا دعاهم الحذر .........
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (ثم أفردهما بالذكر): عطف على "ذكر الأنصاب والأزلام" يعني: أن الكلام إنما سيق لبيان تحريم الخمر والميسر، لا بيان النصاب والأزلام؛ لأن حرمتهما ضروري عند المسلمين، وإنما قرنهما معهما لتأكيد تحريمهما بناء على أن المعطوف عليه يكتسب من معنى المعطوف، وإليه الإشارة بقوله: "وكأنه لا مباينة بين من عبد صنماً وأشرك بالله، وبين من شرب الخمر أو قامر"، والذي يدل على أن ذكر الخمر والميسر هو الأصل، وذكر النصاب والأزلام تابع: إفراد ذكرهما بعد ذلك، وهو قوله {أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمْ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ}.
قوله: (اختصاص للصلاة) هذا من باب قوله تعالى: {إِنِّي رَأَيْتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَباً وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ رَأَيْتُهُمْ لِي سَاجِدِينَ} [يوسف: 4] من حيث الاختصاص بالذكر ومن حيث التكرير؛ لأن تكرير {عن} في قوله: {عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنْ الصَّلاةِ} كتكرير {رَأَيْتُهُمْ}، وقال القاضي: خص الصلاة للإشعار بأن الصاد عنها كالصاد عن الإيمان من حيث إنها عماده، والفارق بينه وبين الكفر، وهو المراد من قوله: "وعن الصلاة خصوصاً".
قوله: ({وَاحْذَرُوا}: وكونوا حذرين)، اعلم أن {وَاحْذَرُوا} مطلق، فاعتبر فيه الوجوه الثلاثة من كون معموله غير منوي تارة، وعاماً تارة، وخاصاً أخرى، فليتأمل.