كتاب فتوح الغيب في الكشف عن قناع الريب (حاشية الطيبي على الكشاف) (اسم الجزء: 5)

وهذه الإضافة مبينة كأنه قيل: أو كفارةٌ من طعام مساكين، كقولك: خاتم فضةٍ، بمعنى خاتم من فضةٍ. وقرأ الأعرج: (أو كفارة طعام مساكينٍ) وإنما وحد لأنه واقعٌ موقع التبيين، فاكتفى بالواحد الدال على الجنس. وقرئ: (أو عدل ذلك) بكسر العين، والفرق بينهما أن عدل الشيء: ما عادله من غير جنسه كالصوم والإطعام، وعدله: ما عدل به في المقدار، ومنه عدلاً الحمل؛ لأن كل واحدٍ منهما عدل بالآخر حتى اعتدلا، كأن المفتوح تسمية بالمصدر، والمكسور بمعنى المفعول به، كالذبح ونحوه، ونحوهما الحمل والحمل. و (ذلِكَ): إشارةٌ إلى الطعام (صِياماً) تمييز للعدل كقولك: لي مثله رجلاً. والخيار في ذلك إلى قاتل الصيد عند أبي حنيفة وأبي يوسف. وعند محمدٍ إلى الحكمين. (لِيَذُوقَ): متعلق بقوله: (فَجَزاءٌ) أي: فعليه أن يجازي أو يكفر ليذوق سوء عاقبة هتكه لحرمة الإحرام. والوبال: المكروه والضرر الذي يناله في العاقبة من عمل سوء لثقله عليه، كقوله تعالى: (فَأَخَذْناهُ أَخْذاً وَبِيلًا) [المزمل: 16]: ثقيلاً. والطعام الوبيل: الذي يثقل على المعدة فلا يستمرأ.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قيل: كفارة طعام لا كفارة صيام، وإليه الإشارة بقوله: "وهذه الإضافة مبينة"، وأما قراءة الباقين: {كَفَّارَةٌ} بالتنوين فهو عطف على {فَجَزَاءٌ}، و {طَعَامُ مَسَاكِينَ}: عطف بيان.
قوله: (واقع موقع التبيين) أي: التمييز، نحو: عشرون درهماً.
قوله: (إن عدل الشيء: ما عادله من غير جنسه)، الراغب: العدالة والمعادلة لفظ يقتضي المساواة، ويستعمل باعتبار المضايفة، والعدل والعدل متقاربان، لكن العدل يستعمل فيما يدرك بالبصيرة، كالأحكام، على ذلك قوله: {أَوْ عَدْلُ ذَلِكَ صِيَاماً}، والعدل والعديل فيما يدرك بالحاسة، كالموزونات والمعدودات والمكيلات، فالعدل هوا لقسط على سواء، وعلى هذا

الصفحة 491