كتاب فتوح الغيب في الكشف عن قناع الريب (حاشية الطيبي على الكشاف) (اسم الجزء: 5)

[(أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ وَطَعامُهُ مَتاعاً لَكُمْ وَلِلسَّيَّارَةِ وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ الْبَرِّ ما دُمْتُمْ حُرُماً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ)].
(صَيْدُ الْبَحْرِ): مصيدات البحر مما يؤكل ومما لا يؤكل (وَطَعامُهُ): وما يطعم من صيده. والمعنى: أحل لكم الانتفاع بجميع ما يصاد في البحر، وأحل لكم أكل المأكول منه، وهو السمك وحده عند أبى حنيفة. وعند ابن أبي ليلى: جميع ما يصاد منه، على أن تفسير الآية عنده: أحل لكم صيد حيوان البحر وأن تطعموه.
(مَتاعاً لَكُمْ) مفعولٌ له، أي: أحل لكم تمتيعاً لكم، وهو في المفعول له بمنزلة قوله تعالى: (وَوَهَبْنا لَهُ إِسْحاقَ وَيَعْقُوبَ نافِلَةً) [الأنبياء: 72] في باب الحال،
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
بالتصدق، بل الله ينتقم منه؛ لأن قوله: {فَيَنتَقِمُ اللَّهُ} جزاء، والجزاء كاف، وكونه كافياً يمنع وجوب شيء آخر.
قوله: (وعند ابن أبي ليلى: جميع ما يُصاد منه). قال القاضي: {صَيْدُ الْبَحْرِ}: ما صيد فيه مما لا يعيش إلا في الماء، وهو حلال كله، لقوله صلى الله عليه وسلم في البحر: "هو الطهور ماؤه، والحل ميتته"، وقيل: يحل السمك وما يؤكل نظيره في البر، وقلت: الحديث رواه مالك وأبو داود والترمذي والنسائي، عن أبي هريرة رضي الله عنه: سأل رجل رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: إننا نركب البحر ونحمل معنا القليل من الماء، فإن توضأنا به عطشنا، أفنتوضأ بماء البحر؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "هو الطهور ماؤه، الحل ميتته".

الصفحة 493