كتاب فتوح الغيب في الكشف عن قناع الريب (حاشية الطيبي على الكشاف) (اسم الجزء: 5)

لأن قوله: (مَتاعاً لَكُمْ) مفعول له مختص بالطعام كما أن (نافلة) حال مختصةٌ بـ (يعقوب)؛ يعني: أحل لكم طعامه تمتيعاً لتنائكم يأكلونه طرياً، ولسيارتكم يتزوّدونه قديداً، كما تزوّد موسى عليه السلام الحوت في مسيره إلى الخضر عليهما السلام. وقرئ: (وطعمه).
و(صيد البر): ما صيد فيه، وهو ما يفرّخ فيه، وإن كان يعيش في الماء في بعض الأوقات كطير الماء عند أبي حنيفة. واختلف فيه فمنهم من حرّم على المحرم كل شيء يقع عليه اسم الصيد، وهو قول عمر وابن عباسٍ، وعن أبي هريرة وعطاء ومجاهد وسعيد بن جبير: أنهم أجازوا للمحرم أكل ما صاده الحلال، وإن صاده لأجله إذا لم يدل ولم يشر، وكذلك ما ذبحه قبل إحرامه وهو مذهب أبي حنيفة وأصحابه رحمه اللَّه، وعند مالك والشافعي وأحمد رحمهم اللَّه: لا يباح له ما صيد لأجله.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (لأن قوله: {مَتَاعاً لَكُمْ} ... مختص بالطعام)، لعل ذلك على التقدير الثاني، وهو "أحل لكم صيد حيوان البحر وأن تطعموه"؛ لأن قوله: {صَيْدُ الْبَحْرِ} حينئذ توطئة لذكر {وَطَعَامُهُ}: على طريقة: أعجبني زيدٌ وكرمه، فلا يتعلق به المفعول له، وأما على التقدير الأول فالظاهر أنه لا يختص بالطعام؛ لأن كلا من المعطوف والمعطوف عليه مقصودان بالذكر، ولذلك قُدر "وأحل لكم أكل المأكول منه". قال أبو البقاء: الضمير في {وَطَعَامُهُ} ضمير {الْبَحْرِ}، وقيل: ضمير الصيد، والمعنى: أباح لهم صيد البحر وأكل صيده، بخلاف صيد البر، و {مَتَاعاً}: مفعول له، وقيل: مصدر، أي: متعتم بذلك تمتيعا.
قوله: (لتنائكم)، الجوهري: تنأت بالبلد تنوءا: إذا قطنته، وهم تناءة البلد، والاسم: التناءة.

الصفحة 494