كتاب فتوح الغيب في الكشف عن قناع الريب (حاشية الطيبي على الكشاف) (اسم الجزء: 5)

الصفة كذلك. (قِياماً لِلنَّاسِ): انتعاشاً لهم في أمر دينهم ودنياهم، ونهوضاً إلى أغراضهم ومقاصدهم في معاشهم ومعادهم، لما يتم لهم من أمر حجهم وعمرتهم وتجارتهم، وأنواع منافعهم. وعن عطاء ابن أبى رباح: لو تركوه عاماً واحداً لم ينظروا ولم يؤخروا (وَالشَّهْرَ الْحَرامَ): الشهر الذي يؤدى فيه الحج، وهو ذو الحجة، لأنّ لاختصاصه من بين الأشهر بإقامة موسم الحج فيه شأناً قد عرّفه اللَّه تعالى. وقيل عنى به جنس الأشهر الحرم. (وَالْهَدْيَ وَالْقَلائِدَ): والمقلد منه خصوصاً، وهو البدن؛ لأن الثواب فيه أكثر، وبهاء الحج معه أظهر ذلِكَ إشارة إلى جعل الكعبة قياماً للناس، أو إلى ما ذكر من حفظ حرمة الإحرام بترك الصيد وغيره. (لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ) كل شيءٍ، وهو عالمٌ بما يصلحكم وينعشكم .......
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الصفة كذلك)، وذلك أن الأصل في الصفة تمييز الموصوف عن غيره وتخصيصه عما عداه، اللهم إلا إذا كان الموصوف معلوماً مشهوراً، فحينئذ يُعدل إلى المدح، ومن ثم أجرى صفات الله تعالى على المدح، وعلى هذا قول المصنف.
قوله: (انتعاشاً لهم)، الجوهري: نعشه الله ينعشه نعشاً: رفعه، وانتعش العاثر: إذا نهض من عثرته، قال أبو البقاء: {جَعَلَ اللَّهُ} بمعنى: صير، {قِيَاماً}: حال.
قوله: (ونهوضاً إلى أغراضهم): معطوف على "انتعاشاً" على البيان والتفسير، وقوله: "لما يتم" تعليل لقوله: "انتعاشاً ونهوضاً"، كما تقول: جعلت هذا الكتاب مشتملاً على معرفة الإعراب ليتم لمقتبسه الاحتراز عن اللحن في كلامهم.
قوله: ({لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ} كل شيء، وهو عالم بما يصلحكم وينعشكم): بيان لكيفية تعليل قوله: {لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ} لقوله ذلك، أتى بالعام ليندرج

الصفحة 496