كتاب فتوح الغيب في الكشف عن قناع الريب (حاشية الطيبي على الكشاف) (اسم الجزء: 5)

مما أمركم به وكلفكم شَدِيدُ الْعِقابِ لمن انتهك محارمه غَفُورٌ رَحِيمٌ لمن حافظ عليها.
[(ما عَلَى الرَّسُولِ إِلاَّ الْبَلاغُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ ما تُبْدُونَ وَما تَكْتُمُونَ)].
(ما عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلاغُ): تشديدٌ في إيجاب القيام بما أمر به، وأن الرسول قد فرغ مما وجب عليه من التبليغ، وقامت عليكم الحجة، ولزمتكم الطاعة، فلا عذر لكم في التفريط.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
تحته هذا العلم الخاص، ويمكن أن يكون المعنى: إنما جعلنا الكعبة انتعاشاً لهم في أمر دينهم ودنياهم، أو ذكرنا حفظ حرمة الإحرام ليعلموا أنا نعلم مصالح دنياهم ودينهم فيستدلوا بهذا العلم الخاص على أنه لا يعزب عن علمه مثقال ذرة في السماوات والأرض، ويعلموا أنه تعالى عالمٌ بما وراء ذلك كله.
قال القاضي: ليعلموا أن شرع الأحكام لدفع المضار قبل وقوعها وجلب المنافع المترتبة عليها دليل على حكمة الشارع وكمال علمه، وقوله: {وَأَنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ} تعميم بعد تخصيص ومبالغة بعد إطلاق.
قوله: (تشديد): خبر {مَا عَلَى الرَّسُولِ}.
قوله: (وأن الرسول صلى الله عليه وسلم قد فرغ)، قيل: هو عطف على "تشديد"، أي: تشديد في إيجاب القيام وإيذان أن الرسول، ففي الكلام حذف، وقلت: الوجه أن يكون عطفاً تفسيريا ًعلى "إيجاب القيام"، المعنى: أن حكمة بعثة الرسل هي ألا يكون للناس على الله حجة، فإن الله تعالى أرسله إليكم ليبلغ إليكم ما أرسل به من شرائعه، ولا سيما تعظيم شعائره وأعلام دينه، فبلغ وأنذر، فارتفع العذر وأزيحت العلة، وبقي الأمر من جانبكم، إن أطعتموه فاعلموا أن الله غفور رحيم، وإن عصيتموه فإن الله شديد العقاب، هذا هو المعنى بقوله: "تشديد في إيجاب

الصفحة 497