كتاب فتوح الغيب في الكشف عن قناع الريب (حاشية الطيبي على الكشاف) (اسم الجزء: 5)

تغمكم وتشق عليكم وتندموا على السؤال عنها. وذلك نحو ما روى أن سراقة بن مالك أو عكاشة بن محصن قال: يا رسول اللَّه، الحج علينا كل عام؟ فأعرض عنه رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم حتى أعاد مسألته ثلاث مرّاتٍ، فقال صلى اللَّه عليه وسلم: «ويحك ما يؤمنك أن أقول نعم، واللَّه لو قلت: نعم؛ لوجبت، ولو وجبت ما استطعتم، ولو تركتم لكفرتم، فاتركوني ما تركتكم، فإنما هلك من كان قبلكم بكثرة سؤالهم واختلافهم على أنبيائهم، فإذا أمرتكم بأمر فخذوا منه ما استطعتم، وإذا نهيتكم عن شيء فاجتنبوه».
(وَإِنْ تَسْئَلُوا عَنْها حِينَ يُنَزَّلُ الْقُرْآنُ) وإن تسألوا عن هذه التكاليف الصعبة في زمان الوحي، وهو ما دام الرسول بين أظهركم .........
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (ما روي عن سراقة بن مالك أو عكاشة)، روى أحمد بن حنبل والترمذي وابن ماجه، عن عي رضي الله عنه، قال: لما نزلت {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ} [آل عمران: 97] الآية، قالوا: يا رسول الله، أفي كل عام؟ فسكت، فقالوا: يا رسول الله، أفي كل عام؟ قال: "لا، ولو قلت: نعم، لوجبت"، فأنزل الله تعالى {لا تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ} الآية.
قوله: (ويحك)، الجوهري: ويح: كلمة رحمة، وويل عكسه، وقال اليزيدي: هما بمعنى واحد، تقول: ويح لزيد وويل لزيد ترفعهما على الابتداء.
قوله: (وإن تسألوا عن هذه التكاليف الصعبة في زمان الوحي) إلى آخره، تقريره يؤذن أن المعطوف عليه، وهو قوله: {إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ}، كالتوطئة والبناء، والثانية كالتفسير للأولى، ولذلك قال: " {إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ وَإِنْ تَسْأَلُوا عَنْهَا حِينَ يُنَزَّلُ الْقُرْآنُ}: صفة لـ {أَشْيَاءَ} "، وعم زمان الوحي حيث قال: "ما دام الرسول بين أظهركم يوحى إليه"، قال محيي السنة:

الصفحة 503