كتاب فتوح الغيب في الكشف عن قناع الريب (حاشية الطيبي على الكشاف) (اسم الجزء: 5)

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
{إِنْ تَسْأَلُوا عَنْهَا حِينَ يُنَزَّلُ الْقُرْآنُ} معناه: إن صبرتم حتى ينزل القرآن بحكم من فرض أو نهي، وليس في ظاهره شرح ما بكم إيه حاجة ومست حاجتكم إليه، فإذا سألتم عنها حينئذ تُبد لكم، وقرر هذا المعنى الإمام حيث قال: السؤال على نوعين، أحدهما: ما لم يجر ذكره في الكتاب والسنة بوجه ما فهو منهي عنه، وثانيهما: ما نزل به القرآن ولكن السامع لم يفهمه كما ينبغي فهاهنا يجوز السؤال، والفائدة في الذكر أنه تعالى لما منع السؤال أوهم أن جميع السؤال ممنوع، فذكر ذلك تمييزاً لهذا القسم ثم كلامه.
فإن قيل: فإذن يرد سؤال عكاشة، لأن سأل بعد نزول آية الحج كما سيجيء في حديثه، يقال: ما أنكر عليه لسؤاله: أن الأمر يحتمل التكرار أو المرة في المراد منهما، بل لأنه ما تفكر في أن إفادة التكرار مما يصعب على الأمة سيما على سكان القاصية، والدين مبني على اليسر: {وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ} [الحج: 78]، وكان ذلك مشهوراً عندهم كما روى الإمام، عن أبي ثعلبة الخُشني: "إن الله تعالى فرض فرائض فلا تضيعوها، ونهى عن أشياء فلا تتنتهكوها، وحد حدوداً فلا تعتدوها، وعفا عن أشياء من غير نسيان فلا تبحثوا عنها".
قال الراغب: إن الأشياء في البحث عنها وسؤالها ثلاثة أضرب: ضرب يجب السؤال عنه، وهو ما كلف الإنسان به وبه أمر، وإياه توجه أن أفتى الجريح بالاغتسال، فقال: "قتلتموه، هلا سألتموني عنه، شفاء العي السؤال"، وضرب يُكره أو يُحظر السؤال عنه،

الصفحة 504