كتاب فتوح الغيب في الكشف عن قناع الريب (حاشية الطيبي على الكشاف) (اسم الجزء: 5)

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وإياه توجه قوله صلى الله عليه وسلم: "اتركوني ما تركتم، إنما هلك من كان قبلكم بكثرة سؤالهم الأنبياء"، وضرب يجوز السؤال والسكوت عنه، وهو ما يستحب أن يحمد ولا يؤخذ به الإنسان إن بحث عنه واستكشف.
وقال القاضي: الجملة الشرطية وما عطف عيها صفتان لـ {أَشْيَاءَ}، المعنى: لا تسألوا عن أشياء إن تظهر لكم تغمكم، وإن تسألوا عنها في زمان الوحي تظهر لكم، وهما كمقدمتين تنتجان ما يمنع السؤال، وهو أنه مما يغمهم، والعاقل لا يفعل ما يغمه.
وقلت: وهذا النوع عند علماء البيان يسمى بالكناية الإيمائية، فيفيد القطع بامتناع السؤال، وليس بوجه في الآية، وتقرير المصنف أقرب لما يفهم من دليل الخطاب، والتقييد بالوصف: أن هناك سؤالاً لا يغمهم وهو ما لا يتعلق بالتكاليف الشاقة والأمور التي إن ظهرت أوقعتهم في الحرج والضيق، هذا حسن لولا أن قوله: {تُبْدَ لَكُمْ} يقتضي أن يُخص كقوله تعالى: {وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ} [الأحزاب: 37]، ويعضده ما روينا عن البخاري ومسلم والترمذي، عن أنس، قال: خطب رسول الله صلى الله عليه وسلم خطبة ما سمعت مثلها قط، فقال: "لو تعلمون ما أعلم لضحكتم قليلاً ولبكيتم كثيراً"، قال: فغطى أصحاب رسول الله صلى الله عليه سلم وجوههم ولهم خنين، فقال رجل: من أبي؟ فقال: "فلان"، فنزلت هذه الآية:

الصفحة 505