كتاب فتوح الغيب في الكشف عن قناع الريب (حاشية الطيبي على الكشاف) (اسم الجزء: 5)

من المهاجرين مع عدي بن زيد وتميم بن أوسٍ- وكانا نصرانيين- تجاراً إلى الشام، فمرض بديلٌ وكتب كتاباً فيه ما معه، وطرحه في متاعه ولم يخبر به صاحبيه وأمرهما أن يدفعا متاعه إلى أهله، ومات ففتشا متاعه فأخذا إناءً من فضةٍ فيه ثلاث مئة مثقالٍ منقوشاً بالذهب، فغيباه، فأصاب أهل بديلٍ الصحيفة فطالبوهما بالإناء، فجحدا، فرفعوهما إلى رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم؛ فنزلت.
(تَحْبِسُونَهُما): تقفونهما وتصبرونهما للحلف، (مِنْ بَعْدِ الصَّلاةِ): من بعد صلاة العصر، لأنه وقت اجتماع الناس.
وعن الحسن: بعد صلاة العصر أو الظهر؛ لأن أهل الحجاز كانوا يقعدون للحكومة بعدهما. وفي حديث بديلٍ أنها لما نزلت صلى رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم صلاة العصر ودعا بعديّ وتميمٍ فاستحلفهما عند المنبر فحلفا، ثم وجد الإناء بمكة، فقالوا: إنا اشتريناه من تميم وعدي.
وقيل: هي صلاة أهل الذمّة وهم يعظمون صلاة العصر.
(إِنِ ارْتَبْتُمْ): اعتراضٌ بين القسم والمقسم عليه. والمعنى: إن ارتبتم في شأنهما واتهمتموهما فحلفوهما.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (فيه ثلاث مئة مثقال) تجريد، نحو قولك: في البيضة عشرون رطلاً من حديد، أي: هي نفسه هذا المقدار.
قوله: (وتصبرونهما للحلف). النهاية: في الحديث: "من حلف على يمين صبراً"، أي: ألزم بها وحبس عليها، وكانت لازمة لصاحبها من جهة الحكم.

الصفحة 516