كتاب فتوح الغيب في الكشف عن قناع الريب (حاشية الطيبي على الكشاف) (اسم الجزء: 5)

فإن قلت: ما موقع (تحبسونهما)؟ قلت: هو استئناف كلامٍ، كأنه قيل: بعد اشتراط العدالة فيهما، فكيف نعمل إن ارتبنا بهما، فقيل: تحبسونهما فإن قلت: كيف فسرت (الصلاة) بصلاة العصر وهي مطلقة؟ قلت: لما كانت معروفة عندهم بالتحليف بعدها، أغنى ذلك عن التقييد، كما لو قلت في بعض أئمة الفقه: إذا صلى أخذ في الدرس علم أنها صلاة الفجر. ويجوز أن تكون اللام للجنس، وأن يقصد بالتحليف على أثر الصلاة أن تكون الصلاة لطفاً في النطق بالصدق، وناهية عن الكذب والزور (إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهى عَنِ الْفَحْشاءِ وَالْمُنْكَرِ) [العنكبوت: 45].
(فَإِنْ عُثِرَ): فإن اطلع (عَلى أَنَّهُمَا اسْتَحَقَّا إِثْماً) أي: فعلا مّا أوجب إثما، واستوجبا أن يقال إنهما لمن الآثمين (فَآخَرانِ) فشاهدان آخران (يَقُومانِ مَقامَهُما مِنَ الَّذِينَ اسْتَحَقَّ عَلَيْهِمُ) أي: من الذين استحق عليهم الإثم. معناه من الذين جني عليهم وهم أهل الميت وعشيرته. وفي قصة بديلٍ: أنه لما ظهرت خيانة الرجلين، حلف رجلان من ورثته أنه إناء صاحبهما وأنّ شهادتهما أحق من شهادتهما: و (الْأَوْلَيانِ): الأحقان بالشهادة لقرابتهما ومعرفتهما، وارتفاعهما على: هما الأوليان كأنه قيل ومن هما؟ فقيل: الأوليان .........
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: ({فَإِنْ عُثِرَ}: فإن اطلع). الأساس: دابة بها عثار: لا تزال تعثر، وخرج متعثراً في أذياله، ومن المجاز: عثر على كذا: اطلع عله، وأعثره على كذا: أطلعه.
اعلم أن هذه الآية من أشكل ما في القرآن من الإعراب، قاله الزجاج، وقال الواحدي رحمه الله: روى عن عمر رضي الله عنه: هذه الآية أعضل ما في هذه السورة من الأحكام، وقال الإمام: اتفق المفسرون على أن هذه الآية في غاية الصعوبة إعراباً ونظماً وحكماً.

الصفحة 518