كتاب فتوح الغيب في الكشف عن قناع الريب (حاشية الطيبي على الكشاف) (اسم الجزء: 5)

قلت: معناه: من الورثة الذين (استحق عليهم الأوليان) من بينهم بالشهادة أن يجرّدوهما للقيام بالشهادة، ويظهروا بهما كذب الكاذبين (ذلِكَ) الذي تقدم من بيان الحكم
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (أن يجردوهما) قيل: هو مفعول {اسْتَحَقَّ}، والفاعل {الأَوْلَيَانِ}، وقلت: معنى هذا يعود إلى قوله: "استحق عليهم انتداب الأوليين"، و"من بينهم": حال من الفاعل، و"بالشهادة": متعلق بـ {الأَوْلَيَانِ}، أي: الأحقان بالشهادة، والواو في "ويظهروا" كالواو في قوله: {وَلَقَدْ آتَيْنَا دَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ عِلْماً وَقَالا الْحَمْدُ لِلَّهِ} [النمل: 15] في إفادة تعويل الترتيب إلى الذهن على مذهب صاحب "المفتاح"، أي: يشهدوا ويظهروا بهما.
قوله: ({ذَلِكَ} الذي تقدم من بيان الحكم) وهو ما ذكر من رد اليمين أو تغيير الحكم على الاختلاف أجدر وأحرى أن يأتوا بالشهادة على وجه التحقيق، و {عَلَى وَجْهِهَا}: حال من الشهادة، أي: محققة، المعنى: أن من حق الشهادة أن تشهد على ما هي عليه أو أن تترك إذا لم تكن محققة مخافة أن يفتضح الشاهد إذا ظهر خلافها، أو "إلى" مقدرة قبل {أَنْ يَاتُوا}، والتقدير: ذلك الحكم الذي ذكرناه أقرب إلى أن يأتوا بالشهادة على وجهها مما كنتم تفعلونه، وأقرب إلى خوف الفضيحة، فتمتنعوا من ذلك، فعلى هذا {أَوْ يَخَافُوا}: عطف على {أَنْ يَاتُوا}، فيكون من باب قوله: علفتها تبناً وماءً بارداً، والمعنى ما قاله الواحدي: ذلك الذي حكمنا به من رد اليمين أدنى إلى الإتيان بالشهادة على ما كانت عليه، أو أقرب إلى أن ترد أيمان على أولياء الميت بعد أيمانهم فيحلفوا على خيانتهم وكذبهم فيفتضحوا ويغرموا فلا يحلفون كاذبين إذا خافوا هذا الحكم.

الصفحة 523